«الجزيرة» - محمد السنيد:
رحل صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز آل سعود عن دار الفناء إلى دار البقاء يوم الخميس الماضي، الموافق 19 - 10 - 1438هـ. وصُلي عليه بالمسجد الحرام في مكة المكرمة، بعد صلاة العشاء يوم الجمعة الموافق 20 - 10 - 1438هـ، تغمده الله بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه، وأسكنه فسيح جناته. والأمير عبد الرحمن (1931 - 13 يوليو 2017)، هو الابن السادس عشر من أبناء الملك عبد العزيز الذكور، ووالدته هي الأميرة حصة بنت أحمد السديري - رحمها الله.
تولى الأمير عبد الرحمن منصب نائب وزير الدفاع والطيران والمفتش العام عام 1983، واستمر فيه حتى 5 نوفمبر 2011م.
وقد تحدث -رحمه الله- عن والده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - وجهوده في توحيد هذا الوطن المعطاء (المملكة العربية السعودية)، وعن السياسة الحكيمة التي اتبعها في سبيل تحقيق رفاهية الشعب السعودي، وذلك في حديث لسموه تم توثيقه في كتاب (المؤسس في عيون أبنائه وأحفاده)، والذي رصد أقوال عدد من الأبناء والبنات والأحفاد والحفيدات.
ومما قاله سموه -رحمه الله- ارتجالاً، لدى رعايته احتفالات منطقة نجران بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس المملكة عصر يوم السبت 12 شوال 1419هـ، وافتتاحه معارض الإدارات الحكومية: «كان الملك عبد العزيز يقود كل شيء داخلياً وخارجياً حتى يدرأ عن بلاده الأخطار المتلاحقة». وأشار سموه على سبيل المثال إلى الظروف المأساوية التي أحاطت بالحرب العالمية الثانية، حيث كان الشعب العربي السعودي يعيش حياة طبيعية، بينما كانت الشعوب الأخرى تعيش على الإعانات، ولا تأكل إلا بالتموين.. وهذا معروف، ويدل على السياسة الحكيمة التي اتبعها الملك عبدالعزيز في سبيل رفاهية شعبه.
مضيفاً: إن الملك عبدالعزيز عمل على تحقيق الاستقرار والأمن في ربوع البلاد، وكان يحب أن تكون بلاده مسيطرة على نفسها، ليس لأي بلد عليها أي نفوذ. فكانت له سياسة حكيمة في كسب ود الشعوب لتكون صديقة للمملكة العربية السعودية. واستطرد الأمير عبدالرحمن - رحمه الله - واصفاً والده: هذا كان طبعه.. الحكمة، وقد احتضن بها جميع أفراد المجتمع، والحمد لله رب العالمين. وتعلمون أن كل إنسان له مجهود محدود لا يمكن أن يتعداه، لكن علينا أن نقوم بأقصى جهودنا متعاونين ومتكاتفين، لأن التكاتف هو أساس البقاء، مع إرادة الله في كل شيء. وأقول التكاتف هو الاجتماع على دين الله والمحبة للجميع.
كما ارتجل سموه -رحمه الله- كلمة أثناء معايدة قوة شرورة بالمنطقة الجنوبية يوم 12 شوال 1419هـ، تناول فيها الذكرى المئوية وكفاح المؤسس، قائلاً: لقد كان يوم الخامس من شوال ذكرى مرور مائة سنة، منذ أراد الله رجوع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود إلى الرياض، حيث استعاد واسترجع حكم بلاده الذي هو له ولأجداده أصلاً وفصلاً. والحمد لله رب العالمين الذي أنعم على هذه الأمة بهذا القائد الملهم، الذي مهما قلنا فيه - رحمه الله - فلن نوفيه حقه، مهما تكلمنا ومهما عبرنا ومهما وصفنا.
والحمد لله رب العالمين أن الشجرة العربية السعودية شجرة مباركة -إن شاء الله- وأنتم جزء لا يتجزأ منها، فكل واحد منكم يمثل الآخرين.. والحمد لله أننا جميعاً بقينا على عهد الملك عبد العزيز، ونتبع نهجه حتى الآن. على قناعة تامة لدى كل فرد منا بأن هذا هو المنهج الصالح الذي أمر الله به، وهو أن يتبع الإنسان أصلح ما يوجد في هذه الدنيا، والقيمة الفريدة والأساسية التي هي الإيمان بالله عز وجل، وهذا كان مبدأ الملك عبد العزيز وما يأمر به ليلاً ونهاراً، يأمر به أولاده قبل الآخرين، ويطلب من الآخرين أن يتبعوه، والحمد لله أننا نتبعه حتى الآن.
وذكر الأمير عبدالرحمن - رحمه الله - أن هذه الذكرى المئوية تدل على الشيء الكثير.. تدل على أننا جميعاً بعضنا من بعض.. وعلى أننا جميعاً على قلب رجل واحد في السراء والضراء، وتأكدوا تأكيداً جازماً أن الملك - رعاه الله - وإخوانه وجميع أسرته هم أسرتكم، وأسركم جزء لا يتجزأ منها، إننا في السراء والضراء جميعاً، وإننا نعتبر أنفسنا لكم ولخدمتكم، كما نعتبر كل فرد منكم هو منا في كل زمان وفي أي مكان. وختم الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز - رحمه الله - حديثه قائلاً: «بودي أن أكمل ولكن ما في النفس وما تضمره لكل فرد منكم ندركه جميعاً».