ياسر صالح البهيجان
رغم تبني حكومة قطر دعم جماعة الإخوان المصنفة كجماعة إرهابيّة في عدد من الدول العربيّة، إلا أن نفوذها في الداخل القطري محدود للغاية. أي أنها أداة تستعملها الدوحة ضد أشقائها مع يقينها بأثرها السلبي إن تمكّنت من نشر أفكارها التحريضية داخل المجتمع.
قبل عشرين عامًا، أي منذ أن تولى الأمير حمد بن خليفة إمارة قطر، بدأ بعزل جماعة الإخوان عن قطاع التعليم، خشية من أن ينتجوا جيلاً قطريًا ينتمي فكريًا للجماعة، ويُطالب بعزل الأسرة الحاكمة لصالح أحد رموز الإخوان، وقرر بدلاً من ذلك، جعل الجماعة خنجرًا يقود السياسة الخارجيّة للدوحة بإدارة حمد بن جاسم وزير الخارجيّة آنذاك. لم يجد رموز الجماعة خيارًا آخر غير القبول بذلك التوجه؛ لأن الحكومة القطرية ستوفر لهم ملاذًا آمنًا يتيح لهم إمكانية ممارسة العمل السياسي ضد دول أكبر حجمًا من قطر، كمصر والسعودية والإمارات.
ليس ثمة ندوات أو محاضرات يُسمح لقيادات الإخوان بتقديمها للشعب القطري. هم محظورون من التواصل مع أي مواطن ضمن بنود الاتفاقيّة بين الجماعة والحكومة. دورهم يقتصر على استقطاب المجتمعات الخليجيّة والعربية الأخرى، وتحريضهم على حكوماتهم لبعث الفوضى من مرقدها، لكي تشعر الدوحة المصابة بحالة ذعر مزمن بنوع من الأمان، رغم أن دول الجوار لم تظهر إطلاقًا العداء، لكنها نوع من الهستيريا الناتجة عن إحساس بالنقص بسبب حجمها الصغير وتعدادها السكاني الضئيل.
جماعة الإخوان بتكوينها الفكري هي جماعة غير دينية. جماعة برجماتية تتخذ من الدين ذريعة للوصول إلى السلطة، لذلك لا يتحدث رموزها عن ممارسات السياسة القطرية غير العادلة ضد العديد من المواطنين القطريين المحرومين من الجنسيّة، ولا تشنع على الدوحة وقوفها ضد التنظيمات المتطرفة في سوريا وليبيا واليمن، ولا ترفض أي تقارب قطري مع إيران التي تنشر ميليشياتها الطائفية لقتل السنة في المنطقة. هي جماعة تبحث عن مصالحها فحسب، حتى وإن ترتب على تلك المصالح التضحية بالدين، أو تكييفه وفق مقتضيات المصلحة الإخوانية.
تحركات الحكومات الخليجية والعربية الأخيرة كانت مثمرة للغاية، أماطت اللثام على حقيقة جماعة الإخوان وأهدافها الأيديولوجية الهدامة. لم تعد جماعة تحظى بموثوقية لدى المجتمعات كما كانت في السابق. ولن يصبح لرموزها موطئ قدم بعد الآن. هي ورقة خاسرة بيد الدوحة. ورقة محترقة لا قيمة لها.