د.علي القرني
اطلعت مؤخرا على العقود السنوية لأعلى عشرة مدربين لأندية كرة القدم في العالم، ومعظم إن لم يكن كل هذه الأندية هي أندية أوروبية. وقد أشار التقرير إلى أن أعلى المدربين أجرا خلال عام 2016 /2017م هم جوارديولا مدرب مانشستر سيتي، جوزي مورينو مدرب مانشستر يونايتد، كالرو انشيلوتي مدرب بايرن ميونخ، يورجان كلوب مدرب ليفربول، نورالدين زيدان مدرب ريال مدريد، ارسون فينجر مدرب الأرسنال، وانطونيو كونتي مدرب تشيلسي.. فهولاء يتربعون في قمة المرتبات السنوية لمدربي أندية كرة القدم العالمية، ومعهم مدربون أوروبيون آخرون في أندية صينية.
ووصل أعلى مرتب سنوي لمدرب كرة قدم حالي إلى 15 مليون جنيه أسترليني أي ما يعادل خمسة وسبعين مليون ريال سنويا، وكان من نصيب جوارديولا مدرب نادي مانشستر سيتي، وقريبا منه مورينو مدرب نادي مانشستر يونايتد. وكما تلاحظون فهذه أرقام فلكية لمدربين عالميين، وهي في تزايد سنوي، وهناك تنافس كبير على التعاقد مع هذه النجوم التدريبية. ولا يمكن تخيل قبل عدة عقود بل سنوات أن فاتورة التدريب لأي ناد يمكن أن تصل إلى حوالي مائة مليون ريال، فهذه أرقام تتعدى إمكانيات أندية عالمية أخرى، فما بالكم بأندية عربية، أو سعودية.
وكما قيل فكل ناد (يمد رجوله التدريبية على قد فلوسه الشرفية)، ولهذا فإن المدربين هم الأقل أجرا ضمن منظومة كرة القدم السعودية والعربية. وهناك أندية تستدين من رواتب المدربين، فلا يصرف لهم مرتباتهم في حينه. وما نراه أن المنظومة الاحترافية لكرة القدم السعودية والخليجية لم تنظم حتى الآن بالشكل الاحترافي. وإذا نظرنا مثلا إلى القيمة التي تستحقها أندية الدوري الإنجليزي فقط من البث التلفزيوني فهي خيالية جدا، فقد وصلت القيمة التي تتقاضاها الأندية نظير البث الرياضي للعام الماضي مثلا إلى حوالي ثمانية مليارات ريال سعودي، تقاضى بطل الدوري نادي تشيلسي حوالي 99 مليون جنيه أسترليني ما يعادل حوالي خمسمائة مليون ريال فقط نصيبه من البث التلفزيوني. والنادي صاحب الترتيب العاشر في الدوري الإنجليزي حصل على حوالي أربعمائة مليون ريال سعودي.
وبناء على هذه المعطيات فإن العمل كمدرب لكرة قدم هي من أفضل الخيارات المتاحة في بيئة كرة القدم، ولكن اللاعبين يتقدمون على كثير من المدربين في العقود مع أنديتهم ، وربما لا يدخل ضمنها العوائد الإعلانية وخلافه التي يتقاضاها اللاعب من شركات رياضية أو شركات إعلامية، كما ربما لا يدخل ضمنها التعديلات على العقود التي ربما تمت خلال هذا الصيف، فأشار تقرير إلى أن عقد لاعب ريال مدريد وصل عقده إلى 172 مليون دولار أي أكثر من 645 مليون ريال، يليه ليونيل ميسي بقيمة تصل إلى 577 مليون ريال، ثم نيمار وسواريز وغيرهم..
وهكذا فإن الأندية الأوروبية على وجه التحديد تدفع مئات الملايين من الدولارات سنويا نظير تعاقدات مع لاعبين ومدرب، وهناك نمو فاحش في مبالغ هذه التعاقدات. وحينما ننظر نحن إلى هذه المبالغ نستغرب كيف لنادي ريال مدريد أو برشلونة أو مانشستر يونايتد أو سيتي وغيرهم أن يدفع مثل هذه المبالغ، ولكن تختفي هذه الدهشة عندما نعلم أن العوائد التي تحققها الأندية تفوق ذلك بكثير، حيث تعلم هذه الأندية على توظيف كل إمكاناتها في تعظيم دخولاتها الإعلامية والإعلانية والتسويقية والاستثمارية لتغطية كافة العقود والمصروفات السنوية، وتحقيق أرباح فائضة، فيكفي على سبيل المثال أن يحقق ناد من الأندية مبلغ مائة مليون دولار نظير بيع فانيلة أحد لاعبيه المشهورين. وأخيرا ، كلما ننظر إلى هذه الاحترافية الرياضية للأندية الأوروبية أو الأمريكية نشعر بالأسف الشديد إلى ما وصلت إليه الاحترافية في أنديتنا السعودية والخليجية والعربية.