سعد بن عبدالقادر القويعي
لعبة السقوط، والصعود، يفسّره «عراق ما بعد الموصل»، بعد أن أضفت تعقيدات كبيرة على مجرياتها، وإن تباينت بعض الأهداف، واختلفت بعض وسائل التأثير بينها، فالظروف المحيطة بهذه التنظيمات الإرهابية، قد تصب بالنهاية في مصلحته؛ كونها تندرج تحت سيناريو المحدد القادم لمستقبل العراق، والراسم الأبرز لملامح دوره في الشرق الأوسط فيما بعد، فالإرهاب لا يمكنه تأسيس دول؛ وإنما يسهل عليه تفكيك الدول.
الأطراف المشاركة في المعارك ستتصارع على مناطق بسط النفوذ؛ لتكون أحد أبرز التحديات، إلى جانب تحديات أخرى، على رأسها: تعميق الصراع السني - الشيعي في الموصل، وهو ما يؤكده إيريك ديفيس، بأن ما ينتظر العراق هو مزيد من عدم الاستقرار، وفي هذا السياق ستظل القوى الإرهابية تجد لها تربة خصبة؛ لاستمرار تجنيد العناصر الساخطة في المجتمع العراقي، وهكذا يمكننا التنبؤ بازدياد قوة المجموعات الإرهابية في العراق، التي ستستغل صعود الطائفية، وسوف ينعكس النشاط الإرهابي في استمرار التفجيرات الانتحارية في المدن العراقية، وعمليات القتل.. - وخاصة - في بغداد، وهجمات العصابات على مراكز الشرطة، والقواعد العسكرية، والدوائر الحكومية، والجهود الرامية إلى تجنيد العرب الساخطين، وسيعزز عدم الاستقرار السياسي المستمر الفساد في مؤسسات الدولة، والافتقار إلى تحسين الخدمات الاجتماعية.
في المقابل، فإن تواطؤ الحكومة الإيرانية التي تعمل خلف الكواليس؛ لتأسيس مركز سياسي مهيمن في العراق، أدى إلى المضي بها قدما نحو اتباع سياسات طائفية؛ ولأن إيران تشكل عنصرا رئيسا في تفاعلات الساحة العراقية، وعلى مختلف الأصعدة، فإن منح طهران الضوء الأخضر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية؛ لتأدية دورها في العراق، وذلك من خلال الارتباط الأيديولوجي بدولة الملالي، والتي تحقق ما يتطلبه دورها من أهداف بصورة مشبوهة؛ فحكمت سياستها، وعلاقاتها مع الأحزاب، والحركات السياسية، والمسلحة، - لا سيما - تلك التي تؤمن بـ «ولاية الفقيه»؛ فأسبغت الطائفية بشكل أساس على سياستها الخارجية، وأسفرت هذه الديناميكية عن تعميق انزلاق المنطقة إلى خضم الشحن الطائفي.
قد يشكل استعادة هذه المدينة الهامة بداية تحول لمرحلة جديدة، إلا أن نتائج الأحداث المتسارعة في الساحة العراقية، هي التي ستحدد معالم المنطقة في المستقبل القريب؛ حتى وإن قال الخبراء إنها ستنتهي بتوجيه ضربة حاسمة ضد تنظيم داعش؛ لتزداد مخاطر الإرهاب الدولي؛ لأنها ستكون بمثابة نهاية البداية، بدلا من أن تكون بداية النهاية؛ باعتبار أن هذه المعركة، ما هي إلا حلقة من ضمن حلقات كثيرة في مكافحة الإرهاب، وهو ما يجعلني أؤكد على أنه لا يمكن أن نستبق الأمور، ونعلن هزيمة هذا التنظيم.