د. فوزية البكر
وأخيرًا.. وأخيرًا أقرت وزارة التعليم السماح ببدء ممارسة الرياضة البدنية في مدارس البنات في المملكة بعد عقود وعقود من المطالبات وآلاف المقالات ومئات الحلبات من المصارعات الكلامية في المجالس الخاصة والعامة حتى تمكنت الوزارة من إقرار حق طبيعي تمارسه معظم فتيات هذا الجيل سواء داخل بيوتهن أو في المراكز الرياضية النسائية الخاصة المقامة هي أيضًا منذ أكثر من 40 عامًا لكن تحت مسميات مختلفة تهربًا من ملاحقة رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
نص القرار وفي محاولة منه لطمأنة المعارضين وضع شروط هي: أن تتم ممارسة الرياضة البدنية وفق الضوابط الشرعية وأن تكون ممارستها غير إلزامية كذلك نص أن يكون تطبيقها حسب إمكانات كل مدرسة علمًا بأن مدارس البنات في المملكة تخضع ودون استثناء للضوابط الشرعية التي أقرتها الدولة منذ بدء أول محاولات التعليم الرسمي للبنات في عهد الملك سعود رحمه الله عام 1958 فهي مدارس مفصولة تماما عن الرجال والطاقم الذي يعمل بها نسائي مائة في المائة ويقف حارس عتيد (رجل) أمام كل باب مدرسة ليتأكد من هوية الداخلات كما يتأكد من التزام الموظفات والطالبات بالشروط الشرعية للبس الحجاب وتمارس كافة الأنشطة والفعاليات التعليمية وغيرها داخل المدارس التي تحاط بأسوار عالية تمنع تلصص عيون الغرباء وسينطبق هذا بالضرورة على ممارسة التربية البدنية.
أما ما نص عليه القرار بأن ممارسة الرياضة البدنية ستكون حسب إمكانات كل مدرسة وفي لحظة يمكن تفهم هذا الشرط حيث إن معظم مباني مدارس البنات الحكومية أو المستأجرة لا تتضمن أية منشآت رياضية فيما عدا بعض الجامعات أو المدارس الخاصة الفارهة لكن عبارة (أن السماح بالرياضة ستكون حسب إمكانات كل مدرسة) مطاطية بدرجة ستسمح فعلاً بآلاف التأويلات التي قد تصنع تدريجيا (ثقافة) عراقيل مبنية على نص القرار ومواقف مدراء المناطق ومديرات المدارس ومعلمات المواد الدينية وتفسيرات معلمات اللغة العربية فيما يسمح أو لا يسمح من أنشطة.
ولن ينفع نص (متميع) كهذا في الدفع بالرياضة البدنية في مدارس البنات. نص كهذا سيمكن أية مديرة من رفض الفكرة بحكم أنها لا تقبلها أصلا في حين أن مديرة أخرى قد ترى الساحة الخارجية ملعبا بسيطا للكورة.
سؤال آخر يجب طرحه وهو: هل يعني هذا النص أنه لن تكون هناك خطة رياضية واضحة للمدارس تلتزم بتنفيذها؟ نحن فرحون بإقرار الرياضة البدنية في مدارس البنات وهذا ليس تطبيلاً للوزارة التي أقرتها أخيرًا بل لأن هذا القرار التاريخي سيساعد على فتح معاهد الرياضة البدنية للمدربات وستزدهر أثر ذلك النوادي النسائية الصغيرة التي تطالب في شرف منذ عشرات السنين لتوفير مكان لائق لنا لممارسة الرياضة. وهذا القرار سوف يساهم أيضاً في عقد مسابقات ومباريات ومنافسات على مستوى المدارس ومستوى المناطق وبين أرجاء المملكة فتتعرف فتاة الجنوب على فتاة الشمال وتغرق الفتيات في المنافسات وتتحسن الحياة الصحية وتخف البدانة وتصبح الرياضة أحد المنافذ لتصريف الطاقات وتحسين مستويات الحياة والوعي الصحي والغذائي لدى الطالبة التي هي الأم التي ستنقل اتجاهاتها الإيجابية لأبنائها لاحقًا بما يحقق رؤية المملكة في جعل أربعة من كل عشرة من سكان المملكة نشطاً رياضيًا.
يجب أن نشكر وزير التعليم معالي الدكتور العيسي على شجاعته في مواجهة التحديات والشكر موصول لأميرتنا النشطة ريما بنت بندر التي ساعدت جهودها الحثيثية منذ تعيينها نائبا لرئيس هيئة الرياضة في المملكة لتوفير فرص ممارسة النشاطات البدنية للنساء في المملكة فلها منا كل التقدير والاحترام والدعم وحفظ الله هذا الوطن أمنًا مستقرا.