سمر المقرن
يختلف معنى المقاطعة عن الحصار بحسب معاجم اللغة العربية، فالمقاطعة تعني ترك التعامل مع شخص أو جهة أو بلد، وتأتي المقاطعة بالامتناع عن التعامل مع جهة ما وفق نظام جماعي معلوم. في حين يختلف تماماً معنى الحصار، وكما تقول المعاجم فإن معنى «حاصره» أي منعه من الخروج من مكانه، أما الحصار العسكري فهو المتفق عليه بأنه إحاطة الجيوش للمدن مع قطع سبل الحياة والاتصالات عنها، أما الحصار البحري فأيضاً بحسب المعاجم منع وصول المؤن والذخائر إلى موانئ (العدو) عن طريق البحر وقت الحرب، ومعنى الحصار الاقتصادي هو ما يراد به التضييق اقتصادياً على بلد من البلدان.
أوردت هذه التوضيحات من معاجم معاني اللغة العربية، وذلك لوصف الإصرار على استخدام مصطلح «حصار» من قِبل النظام القطري وماكينته الإعلامية، وإذا تمعنّا في المعاني أعلاه سنجد الهدف الحقيقي الذي يراد به وصف المقاطعة الجارية ضد النظام القطري، في الوقت الذي يحدث فيه الإصرار على وصف المقاطعة بالحصار بغرض الإيهام أنهم في حالة حرب، في الوقت ذاته تظهر التناقضات الغريبة في أن الحياة طبيعية في قطر ما يناقض مصطلح «حصار» وتوابعه، فلو كانت قطر محاصرة لما وجدنا حالها على هذا الذي نراه، والحمد لله وسائل التواصل الاجتماعي لم تعد تترك شيئاً مجهولاً فكل الصور واضحة ونراها ونسمعها كل يوم، ولو كان هناك حصار لما رأينا القطريين يصيفون ذهاباً في هارودز لندن وإياباً في شانزلزيه باريس، وأقلها بما أنها دولة محاصرة لن يتمكن أحد من الخروج منها أو الذهاب إليها، ولو كانت قطر محاصرة لما وجدنا الدعايات الفندقية التي تنادي أهل الكويت وعُمان للسكن بالمجان في فنادقها!
كل ما يحدث من تناقضات غريبة هي محاولات للتجييش وتغيير صورة الواقع، واستخدام ألفاظ لا تلاءم الحقيقة ولا الأوضاع المعاشة داخل قطر، هذا إن كان كما يُقال في نفس حالة التناقض أنه لم يتغير شيء في قطر!
وللتأكيد، فإن أساليب التصعيد في استخدام ألفاظ ليست في محلّها ولا تعكس الواقع، استمراراً في رسم صورة «مظلومية» غير حقيقية ما يوحي بأن قطر قد تكون على شفى مجاعة، فإنها لو ذاقت الحصار بمعناه الحقيقي لما رأيناها وإعلامها على ما هم عليه!