عبد الله باخشوين
رغم أن تاريخنا في ((الاحتراف الرياضي)) حديث نسبيًّا.. إلا أنه أصبح مفهومًا لدى الجماهير الرياضية.. فهو -بالمعنى التقليدي- يقوم على ((الإيجار)) و((التأجير)).. أي أن اللاعب يقوم بـ((تأجير)) موهبته ((الكروية)) لـ((نادي كذا)) لفترة زمنية محددة مقابل ((كذا)).. وهو يحولها ((فورًا)) إلى تجارة رابحة.. تبدأ من النادي الذي نشأ اللاعب فيه إلى أن أكمل صقل ((موهبته))، وقدمه النادي في مبارياته الرسمية.. وأخذ يلفت الانتباه.. ويصبح اسمه متداولاً بين المدربين والوسطاء والسماسرة.. ويصبح مشروعًا قابلاً للاستثمار.. وتبدأ رحلته مع ((المال والشهرة والمجد)) بعائد أولي، يستفيد منه النادي الذي نشأ فيه واللاعب والسمسار.. ويصبح اللاعب ((رقمًا)) في ((سوق اللاعبين)) قابلاً للصعود والانخفاض.. ويدخل فيه شركة ((التأمين)).. ويصبح له وكيل يدير إمكانية استثماره في الإعلانات.
وفي المقياس الدولي.. عُمر اللاعب المحترف هو ((عشر سنوات)).. لا تخلو من بعض الاستثناءات التي تفرضها بعض المواهب الاستثنائية.
وفي رحلة ((تأجيره)) لموهبته يخضع اللاعب لشروط النادي ((المستأجر)) التي يمليها ((العقد))، أي أنه يصبح ((موظفًا))، يخضع لنظام لياقي وتدريبي صارم، لا يمكن أن يخل به.. ويتمتع بمميزات، منها الإجازات وعدم مشاركته في مباريات منتخب بلاده.. وتذهب نسبة قيمة الإعلانات للنادي الذي يلعب له.. وأشياء كثيرة بين المميزات والمكافآت والعقوبات والشروط الجزائية.
أي أنه يؤجر كل ((طاقاته)) للنادي الذي تعاقد معه.. أما غير ذلك فيبقى لاعبًا هاويًا، يخضع لنظام الحوافز التقليدي للنادي، ولنظامه الداخلي منذ أن بدأ اللعب فيه وهو فتى صغير.
طبعًا في كل هذه الرحلة الطويلة تبقى ((جماهير النادي)) وحدها هي المخلصة له.. التي تقوم بمساندته ومؤازرته في كل تقلبات أحواله صعودًا وهبوطًا.. فوزًا وهزيمة.. سواء حصل على بطولات أو حُرم منها.. سواء تعاقد مع لاعبين موهوبين أو غير ذلك)).
والأندية التي ((قلدناها)) في العمل بنظام الاحتراف لا تخضع للتبرعات والهبات.. لكنها مؤسسات متكاملة، تُدار باحترافية موجودة في أسواق البورصة، وفي الاستثمارات الرياضية والمنشآت.. بل حتى في مكاتب المراهنات.. أي أن الأندية هي مؤسسات اقتصادية كبرى قادرة على تأجير طاقات اللاعبين بطرق احترافية قابلة لإعادة استثمارهم وجني الأرباح أيضًا.. وتبيع لمشجعيها مختلف أنواع الملابس الرياضية والهدايا والتذكارات والبوسترات والصور.. إضافة لما هو مفروض من رسوم على كروت العضوية للمشجعين.. وترعى الأطفال، وتنمي مواهبهم في مدارسها الرياضية التي تستوعب كل الفئات السنية.. وتضع قواعد ((محترفة)) للاعبين الراغبين في الاعتزال، تمثل سنوات خدمة النادي فيها علامة فارقة.. وتمنح لآخرين فترة انتقال حر.. تمكنهم من استثمار ما تبقى لديهم من ((طاقة)) للعب في أندية صغيرة، ينهون حياتهم الحافلة فيها.
ما حرضني على كتابة هذه ((الهبقة)) الرياضية.. صفقة انتقال واين روني كابتن فريق مانشستر يونايتد بطريقة احترافية، ضمنت له العودة لنادية السابق إيفرتون للاستفادة من خبرته الكروية الطويلة بدلاً من أن ينهي حياته على ((دكة الاحتياط)) في المان يونايتد.