م. خالد إبراهيم الحجي
إن أحد الأهداف الرئيسة للإعلام المرئي الخليجي الإعلان عن نفسه كنوافذ تلفزيونية قادرة بمصداقية وبكل دقة على أسر الاهتمام الجماهيري في دول الخليج. ومنها القنوات الرسمية التي تمثل الحكومات الخليجية المختلفة، ومنها الفضائيات المحسوبة على الدول الخليجية وأقواها تأثيراً على الساحة الخليجية والعربية: قناة العربية المحسوبة على المملكة العربية السعودية، وقناة سكاي نيوز العربية المحسوبة على الإمارات العربية، وقناة الجزيرة المحسوبة على دولة قطر. وقد وضعت كل من قناة العريية وسكاي نيوز العربية نصب أعينهما الرؤية الخليجية التي تحمي وتحافظ على وضع الهيمنة الإقليمية لدول المجلس في ظل التطور السريع للتنوع الثقافي ومستقبل تأثير العولمة على شعوب الخليج العربي. والفرد الخليجي بصفته جزءاً من المجتمع الخليجي من حقه أن يحصل على النسخ الأولى من تلك الرسائل بشكل واضح وعام كالتالي:
أولاً: أن القنوات التلفزيونية الخليجية تحمل لواء الرأي والرأي الآخر الذي يحافظ على اللحمة الخليجية، وتقف رسائلها الإعلامية دون نشر الآراء التي تأجج الشعوب، وتتجنب تلك التي تؤدي إلى إشعال نيران الطائفية والفتنة وهكذا دواليك.
ثانياً: أنها تعزز شرعية الأنظمة الشرعية العربية الحاكمة وفي مقدمتها وعلى رأسها الدول الخليجية وأن لديها عزماً أكيداً على ازدهار وتنمية شعوبها المسلمة..
بينما قناة الجزيرة على السطح تصور نفسها أنها مستقلة ولا تمثل سياسة قطر، وتزعم أنها تدافع عن «العدالة الاجتماعية»، لذلك تعتبرها حكومة قطر مقدسة وحرمتها الإعلامية لا تُنتهك؛ ولكن هذا من الوهم ومن التحيز النخبوي الخطير؛ لأنها في الحقيقة كالزئبق الغريب الممزوج بالحقائق والورع والتقوى والأكاذيب والزيف، وتبث العديد من النسخ المعدلة من الحقائق إلى الأكاذيب المزيفة التي تجعل المسلمين الثائرين على الأنظمة الشرعية أكثر شعوب الأرض ورعاً وتقوى، ومع مرور الوقت تزداد قناة الجزيرة خطراً باستمرار وتتغير، وأحياناً تتحرك في اتجاه مناقض لنفسها بكل ما تحمل الكلمة من معنى، بل إنها تتحرك في كل اتجاه يهدف إلى تقويض وحدة دول مجلس التعاون الخليجي وخلخلة قوتها الإقليمية المهيمنة وتماسكها مع بعضها البعض على المسرح الدولي. وكطريقة لتحقيق هذه الانحيازات الإعلامية الشريرة تلجأ قناة الجزيرة في كثير من الأحيان إلى العزف على أوتار الدين، عن طريق تعزيز «نظرية المؤامرة» وتحديد مصدرها من الأنظمة العربية الشرعية، وأنها - أي الأنظمة الشرعية - عاقدة العزم على إلحاق الضرر والأذى بشعوبها؛ وبالتالي تقوم قناة الجزيرة بكل خبث: (1): إطلاق إصدارات إعلامية متكررة بين الحين والآخر عن اجتماعات عربية وصهيونية ماسونية وعالمية تدعي أنه تم الكشف عنها تخطط وتتآمر على تدمير الشعوب العربية. (2): استغلال الأدعية الإسلامية التي نسمعها في دعاء القنوت وأبرزها «اللهم دمر دولتي الصليب واجعل تدبيرهم في تدميرهم»، كإشارة أكيدة من قناة الجزيرة إلى المؤامرات المزعومة التي تحاك ضد الشعوب العربية وتبثها ماكينة قطر الإعلامية، لتؤكد على عدم الأمان والمقاومة والمؤامرة.. إلخ.. ولا تترك لديهم مجالاً للفهم الطبيعي العقلاني للأشياء المختلفة؛ فعلى سبيل المثال: الأفكار الشائعة التي تبثها قناة الجزيرة وتندد بأمريكا بحماس منقطع النظير؛ ففي حين أن ذلك لا يضر بأمريكا بأي شيء، ولو بشكل هزيل، إلا أنه في الوقت نفسه يمنع الجمهور العربي المتابع لقناة الجزيرة أن يستطعم السم الذي تدسه في العسل عندما تجعل كل فريق مشغولاً جداً بتعيين وتحديد أخطاء وعيوب الفريق الآخر، وتبرز قطر منضبطة وراضية بتمجيد الذات، والشعور بالورع والتقوى إلى درجة العمى عن رؤية عدم الأمانة، والفساد والزيف وسمات سيئة أخرى أصبحت تشكل الجزء الدائم من سياسة قطر. وقد فشلت قطر على نحو بائسأن ترى السمات المهمة من المصداقية والأمانة .. إلخ.. التي يمكن أن يتحلى بها الإعلام الحر، في حين أن الإعلام الكافر اللعين يلتزم بها. وهواية النظام القطري المفضلة التي اشتهر بها من خلال قناة الجزيرة أن ينكر كل شيء يقلقه، والمحافظة على أبواقه الإعلامية مشغولة بالدعاية للجماعات الإسلامية المناهضة للأنظمة العربية الشرعية.
الخلاصة:
إن نشر الخبر من عدم نشره، وأفضلية نشره بالصيغة الإعلامية المواتية، يجب، في كل الأحوال، أن يحافظ في الدرجة الأولى على وحدة دول مجلس التعاون ويعزز هيمنتها الإقليمية.