هاني سالم مسهور
ارتبط ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالديناميكية السريعة في التغيير، هذا الارتباط ملموس في كل تحركات سموه على المستوى الداخلي أو الخارجي، لذلك جاء لقاء الأمير محمد بن سلمان مع المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد حاملاً تفاؤلاً بإمكانية كسر حالة الجمود السياسي في الأزمة اليمنية التي لم تستطع أطراف النزاع في اليمن من كسرها منذ فشل مشاورات الكويت والتي مضى عليها عام كامل يوليو 2016م.
تم إفشال مبادرات مختلفة كانت أبرزها (مبادرة كيري) وهي التي كانت أقرب ما يُمكن أن يوصف بأنه محاولة جريئة حاول وزير خارجية الولايات المتحدة السابق جون كيري أن ينجزها في الأيام الأخيرة من عهد الرئيس أوباما، وبعدها عاد الجمود السياسي لأزمة اليمن ليترك فراغاً نجح فيه التحالف العربي في إعادة تحرير باب المندب والسير شمالاً حتى تحرير ميناء المخا وبدأ التحالف العربي يضيّق الخناق على الانقلابيين في الحديدة .
منذ فبراير 2017م تفشى وباء الكوليرا في عشرين محافظة يمنية وصل عدد المصابين إلى ثلاثمائة ألف، والمتوفون من الوباء يقترب عددهم من الألفين، كارثة لم تكن في الحسبان لكنها ضريبة أخرى يدفعها اليمنيون بعد انقلاب الحوثيين على الدولة وفشلهم في إدارتها مما أدى إلى انهيار النظام الصحي والوقائي في البلاد وجعل من الصعب التعامل مع كارثة بهذا الحجم تؤكد أن عبث الحوثيين يتجاوز تصورات وأبعاد رهاناتهم غير الواقعية.
المشكلة تزداد تعقيداً عندما تأتي الأخبار من اليمن بأن الحوثيين يقومون بالسطو على قوافل الإغاثة التي تحمل أطناناً من لقاحات علاج الكوليرا، كما أن استمرار ميناء الحديدة تحت سيطرة المليشيات الحوثية يعني أن إيران لا تزال قادرة على إيصال الأسلحة والخبراء إلى اليمن مما سيؤدي بطبيعة الحال إلى استمرار الحرب إلى أمد أطول.
الجمود السياسي أدى إلى تغيّرات أخرى فلقد قرّر الجنوبيون حظر كل جماعات الإسلام السياسي في المحافظات المحرَّرة تماشياً مع مقتضيات الشراكة مع التحالف العربي وعلى رأسه السعودية والإمارات مما وضع حداً نهائياً للازدواجية الأمنية والعسكرية، فلقد تم حظر الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش وغيرها من الجماعات مما يستدعي تفعيلاً لدور القضاء لإنهاء قضايا متعلقة بالإرهاب تسترعي الحكم فيها، كما أن حظر جماعة الإخوان سيفضي هو الآخر إلى إبعاد مكون سياسي محسوب على الأحزاب السياسية.
ينظر كثير من اليمنيين إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كشخصية قادرة على تحقيق معادلة الحل السياسي وخصوصاً أن الحوثيين وشريكهم المخلوع صالح لم يستطيعوا على مدار ثلاثة أعوام من تشكيل تصور سياسي بعيد عن المحاصصة السياسية المتوافق عليها في مؤتمر الحوار الوطني، بينما أفرزت السنوات الثلاث واقعاً آخر يتمثّل في قضية الجنوب كمدخل لحل الأزمة السياسية باشتراط عودة الشرعية السياسية الكاملة برئاسة الرئيس اليمني عبدالهادي منصور إلى العاصمة صنعاء بآخر حكومة توافق عليها اليمنيون قبل انقلاب 21 سبتمبر 2014م، الحلول تظل ممكنة متى ما توافرت إرادة كسر حالة الجمود أو الخمول السياسي في بلد أنهكته الأوبئة كما أنهكته شعارات الأحزاب المتأسلمة.