مها محمد الشريف
لقد أرست الدول القواعد التي تأسست عليها سياساتها واقتصادها، ولهذا اعتبارات عدة، منها تحول الأحداث المحلية والإقليمية إلى ظواهر عالمية، عززت العلاقات بين الحكومات والشعوب والعالم الآخر، وبذلك تفوقت على المقومات القومية والأممية التي نتج منها اندماج عصري، ولكن الحرب ومكوناتها غيَّرت كل الاختلافات بعد انسجامها إلى توترات داخلية وخارجية.
ووجود هذه العقبات والشقاقات السياسية، والتاريخ الملطخ بدماء الأبرياء، يتطلب تفعيل لإدارة الطوارئ، ومساعدة النازحين من الحرب، والمساهمة في إسعافات وعلاج ضحايا الأوبئة بعد الحروب، ودورًا أكبر لها من مركز المفوضية في طوكيو، والاستجابة بشكل أشمل؛ فكثير من الانتهاكات تمس الخصوصيات المميزة لكل بلد من كيانات صغرى، تثير الشغب والفوضى والقتل هنا وهناك؛ لذا تكون المطالبة بوحدات طوارئ تحذر من الخطر المحدق بالدول والحكومات والشعوب.. ففي خضم هذه الأحداث لم يتم تحسين قدرات التأهب والتصدي، خاصة في منطقتنا (منطقة آسيا) حيث تتطلب مزيدًا من التجهيزات والجهود لتلبية الاستجابة في الحالات الطارئة، خاصة في غمرة الأحداث المعاصرة أسوة بالعالم.
فقد تم تجهيز مركز التنسيق الأوروبي والاستجابة في حالات الطوارئ (ERCC) في دائرة المساعدات الإنسانية والحماية المدنية (إيكو)، الذي يعمل على مدار الساعة لتقديم الدعم من خلال استجابة منسقة وسريعة إبان الكوارث التي تحصل، سواء داخل أوروبا أو خارجها، وذلك من خلال الاعتماد على الموارد المقدمة من 3 % من الدول المشاركة في آلية الحماية المدنية في الاتحاد الأوروبي، وفي الوقت نفسه يتم إجراء رصد مستمر أيضًا للكوارث.
وفي تصريح لسانجاي سيرفاستافا المستشار الإقليمي للأمم المتحدة لشؤون الحد من مخاطر الكوارث قال إن «العالم لم يعانِ من قبل من مثل هذه الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث الطبيعية، التي وقع معظمها في منطقة آسيا والمحيط الهادي».
وأضاف بأن 90 في المئة من إجمالي الخسائر الاقتصادية العالمية التي بلغت قيمتها 270 مليار دولار كانت من نصيب آسيا؛ إذ بلغت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الزلازل التي وقعت في نيوزيلندا واليابان والفيضانات الغزيرة في أستراليا وآسيا في الأشهر التسعة الأولى من عام 2011 نحو 259 مليار دولار؛ وهذا يدفعنا إلى إضافة خسائر الحرب إلى قائمة الكوارث الطبيعية في الشرق الأوسط، والتساؤل: ماذا عن حرب العراق وسوريا وليبيا التي لم تذكر بالتقرير؟ وماذا فعلنا لمواجهة هذه الكوارث وحالات الطوارئ المتعاقبة؟
وبالرجوع إلى ميادين العام المنصرم والعام الحالي كانت الحياة أكثر مادية ومأساوية في آن واحد، ودخلت مصائب الإرهاب إلى معقل البيوت؛ لذا نحن بحاجة ماسة للتنسيق بوجود هذه المراكز شأن الدول الأوروبية والأمريكية، ووجود استجابة فعلية وسريعة للنداءات الطارئة.
وكي نختم هذه الإشارة علينا السيطرة على النواحي السلبية في المجتمعات العربية، والحث على مزيد من المزايا الإيجابية التي تحقق التعايش السلمي، ولم الشمل وتأسيس حوار حضاري؛ فالحياة العصرية لها أيديولوجية عالمية، تسعى إلى تحقيق أكثر من هدف في الدول الآمنة؛ وهذا يدعو الشعوب إلى علاقات قوية، تجمعها بقياداتها الحاكمة، والظهور في المشهد الجديد بشكل متكامل يوافق جهود الحكومات وسياساتها.