ناصر الصِرامي
عمد المحللون الغربيون باستمرار خلال عقود ماضية، وحين يتحدثون تحديدًا عن المملكة العربية السعودية، إلى الإشارة باستمرار إلى قصة السعودية ما بعد أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- باعتبار أن الحكم ظل لنحو مائة عام في أبنائه. ومحليًا كان النقاش وربما النقد حول معدل أعمار الجهاز التنفيذي للدولة في مجمله من أمراء مناطق أو وزراء ومسؤولي دولة.
إلا أن المتتبع للشأن السعودي خلال العامين الأخيرين يلحظ بلا شك التغير الكبير في كل مفاصل الدولة وأجهزتها التنفيذية دون استثناء، في قمة الحكم حيث صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، والتالي على خط تولي العرش، إضافة إلى قيادته للجهازين التنفيذيين، الاقتصادي والسياسي للبلاد، أضف إلى ذلك مجمل التعيينات الأخيرة التي شملت الدفع بأمراء شباب كنواب لأمراء مناطق مهمة وإستراتيجية، في أسلوب تحضير عملي لإدارة المستقبل والإعداد له.
طبعًا المحللون الغربيون ينظرون إلى منطقتنا بالكثير من التشاؤم نتيجة الصراعات السياسية والأزمات في أكثر من بلد عربي، والفوضى التي أسهمت فيها الإدارة الأمريكية السابقة، بدعم وتمويل قطري. لكن اللافت مجددًا تحول بعض النقد من حكاية "الأعمار" تلك، إلى الحديث عن قلة الخبرة والشباب، حتى من بعض الشباب أنفسهم وممن طالبوا دائمًا بالتحديث وضخ دماء شابه في الجهاز الحكومي!
عمومًا لن يتوقف النقد أو التشكيك أبدًا، خصوصًا مع بلد ودولة بحجم وثقل المملكة العربية السعودية لها أعداؤها الصغار، وحسادها، والطامحون بثروتها ومكانتها السياسية والروحية، وما أكثر أصحاب الغيرة والحاقدين في عالمنا العربي البائس جدًا.
لكن، الأهم والواضح جدًا لكل متابع ومراقب عادي الآن، أن السعودية تسير نحو تجديد كامل وعلي كافة الأصعدة، وتعيش نشاطًا استثنائيًا، وتحولات لا يخطيها السمع والبصر، هنا رؤية أشمل وتحولات وطنية حثيثة، تشمل كل الجوانب تقريبًا بدءا بالجوانب الاجتماعية والإنسانية المتعلقة بالمواطن والمواطنة على حد سوا، وحتى الثقافية والترفيهية، وصولاً إلى الإصلاحات الاقتصادية الهائلة، وإعادة التموضع السياسي، والحزم الظاهر في كل الملفات المتوافرة والموجودة على الطاولة الملكية إقليميًا وعربيًا ودوليًا.
هنا نهج جديد أو تأسيس جديد للدولة السعودية الفتية والنشطة باستمرارية تاريخية يرسم ويضع ملامحه الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في عمر قصير، ملك وضع خطوط حزم التنفيذ والتصحيح وتعديل كل المسارات، ومعالجة كل الملفات الشائكة والمعلقة أو حتى تلك المسكوت عنها، ومنح المهمة والمسؤولية والمستقبل لجيل سعودي شاب من قيادات وأمراء ووزراء ومسؤولين، إعادة صياغة تاريخ دولة حديثة ليست مهمة سهلة أبدًا، خصوصًا في معية التعقيدات الاقتصادية الدولية، والخريطة السياسية الإقليمية الصعبة والمربكة، تداخل للمصالح الدولية في الوقت ذاته، إلا أن الملك القائد الحازم سلمان بن عبدالعزيز يرسم لنا المستقبل ويكتب التاريخ...
فالسعودية بعد عشر سنوات من الآن ستكون هي المستقبل الذي طالما حملنا به، المستقبل الذي تريد.. والسعودية كما تستحق أن تكون، في القيادة وبتحديث مستمر وعمل لا يتوقف، من رؤية 2030، وقبلها إرهاصات التحول الوطني 2020، ثم التتويج باستضافة بلادنا لقمة الـ20 الكبار على كوكبنا، تلك بعض ملامح السعودية الحديثة، فيما لا يزال ملكنا سلمان بن عبدالعزيز يعيد صياغة الخريطة العربية والإسلامية، ويضع الرياض في قلب العالم، والعالم يتجه نحونا، يشاهد ما ترسمه بلادنا من خطوط عريضة للحاضر وللمستقبل.