رقية سليمان الهويريني
حين يطلّق الزوج زوجته طلاقاً رجعياً يمكنه إعادتها لعصمته -أثناء العدة- أي وقت يشاء دون علمها أو موافقتها أو حتى إبلاغ المحكمة في ذلك! برغم نص الآية الكريمة (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا) فحين يراجعها ليلحق بها الأذى والضرر، فلا يكون إمساكاً بمعروف!
وعندما يرجعها بعد انتهاء فترة عدتها من غير علمها أو تجديد العقد ومتطلباته، فهو انتهاك صارخ لعقد الزوجية الذي يتم أصلاً بموافقة الطرفين، وهو الميثاق الغليظ الذي أشار له القرآن! وقد يعلم القاضي بفعل الزوج ولكنه يتعاطف معه لأنه هو الولي، وهو ما يستوجب تقنين القضاء الفقهي بنظام مكتوب يعد مرجعاً للقضاة وملزماً لهم بدلاً من الاجتهادات.
ولا شك أن ثمة ظلمًا يقع على الزوجة أثناء مطالبتها بالطلاق أو الفسخ أو الخلع، ويتضاعف الظلم حتى بعد طلاقها، فيستخدم معها الزوج شتى أنواع الاضطهاد وليس أشدها منعها من أخذ أغراضها ومتعلقاتها الشخصية، وانتزاع أطفالها! ولا تتدخل الجهات المختصة بإنصافها باعتبار أن الرجل هو الولي والمتحكم! ويسري ذلك على إرغامها بالعودة لعصمته أثناء عدتها دون علمها أو توثيق عقد الزواج؛ وهذا بسبب عدم تقنين القضاء الأسري.
وعلى الرغم من أن مجلس الوزراء أصدر عام 1423هـ قراراً يلزم وزارة العدل بإقرار المدونة القضائية ونشر أحكامها؛ إلا أن الوزارة أشارت باستحياء إلى أن تدوين فقه الأسرة سيكتب على شكل مواد متخصصة بالقضايا الأسرية ولن تكون ملزمة للقضاة، بما يعني أنها مساعدة للقاضي في حال احتاج إليها بدلاً من البحث أو الرجوع للكتب الفقهية!
إن تقنين القضاء بات ضرورة لا شكلاً ولا ترفاً، فهو سيعزز الثقة بالقضاة ويحد من الإطالة في نظر القضايا ويخفف الجهد على ناظري القضية، ويختصر الوقت، ويوقف مسائل الاجتهاد أو التعاطف التي تلصق ببعض القضاة حين يرون وقوع الضرر على الزوجة فيجرون العدل الذي أمر به الله ويليق بوظيفتهم.