العصامية اليوم أصبحت متلازمة حصرية للمشاهيرفقط، والنبش فى سيرهم الذاتية له أبعاد تسويقية وتجارية مربحة يعرفها من يمتهن السير ويقدمونها لتكون بوابتهم للكسب والتربح.
مجتمعنا مليء بصور جميلة لأشخاص حفروا فى الصخر مسيرة نجاح بدأت من تحت الصفر لتصل بهم الى قمم التميز والعبقرية والنجاح.
هولاء مظلومون لكونهم بعيدين عن الإعلام وسلطاته وأضوائه، وتجاربهم تستحق ان ترى النور وأن تصبح مثالا يحتذي به النشء.
الدكتور علي حسن آل شامي ولد ابنا للفقر والعوز واليتم، فوالده توفاه الله على إثر مرض عضال،وقبله امه التى لم يرها مطلقا ،تركا هذا الفتى واخته يقاسان مرارات الحياة وجزعها وألمها.
هذا الطفل الصغير وهو يتقلب من عوز الى عوز،كان الفقر هويته وكانت الحاجة معاناته، وكان جحود المجتمع سلطة تقمع أحلامه وأمنياته.
اخته كانت أنيسته وصديقته، هي عمقه العاطفي ليكون لها وتكون له الاب والاخ والصديق ،كانت مستودع افراحه واحزانه وأحلامه،كانت تشاطره الألم والوحدة والعزلة عن الحياة ومباهجها.
بدأ تعليمه فى رجال ألمع، لم يكن ذلك الطالب الفذ الذي يصلح ان يكون مشروع طالب مثالي يحصد اعلى الدرجات ولكنه كان استثناء فى حضوره وتجليه، فشخصيته القيادية أورثته قبولا عند الجميع، وتعاهدته لتصبح ضمانته للتنقل من دائرة تأثير الى دوائر اخرى تختلف فى أشياء كثيرة ولكنها تتفق عليه انه شاب طموح مختلف وليس مخالفا.
حصل على الثانوية العامة من رجال ألمع، ثم اتجه الى جدة ليدرس فى جامعتها الأم، وهناك بدأ يسفر عن وجه طموح وشخصية قيادية صقلتها الظروف وهذبتها القراءة وزاد الظلم من ايمانها بأن عدالة السماء لابد لها فى يوم من الايام من قرار تعيد فى الفتى الى احلامه وحقوقه وطموحاته.
فى الجامعة جنت علبه تجاربه السابقه بمعنى ان مخزونه الهائل منها شغل حيزا كبيرا فى ذاكرته، والأخيرة أعيتها هذه الذكريات ،فلم يبق للدراسة الا مساحة صغيرة جعلته يتقدم ببطء شديد ،وبعد معاناة مع الروتين ومتطلبات البكالوريوس حصل على الشهادة وخرج من عنق الزجاجة.
خرج وهو متسلح بأشياء كثيرة، اولها إنسانيته،وثانيها تجاربه الحياتية مع الفئة المثقفة فى المجتمع كل ذلك خوله ان يبدأ المرحلة الاهم من حلمه المديد.
اخلص لهذا الحلم وعاشه امال وتطلعات ،وجاءته الفرصة للدراسة فى بريطانيا وفى اعرق جامعاتها ،يرحل ومعه عواطف المحبين والمشفقين والمتربصين على حد سواء،كل يصنع له نهاية تتفق ومع ما يراه او قد يتمناه.
بضع سنين ويحصل اليتيم على الماجستير وبعدها الدكتوراة، ويسجل تجربته بأحرف من نورلكونه تخلص من عقد المجتمع وأعرافه ،والفشل وبداياته واعاد ترسيخ مقولة ان لكل مجتهد نصيبا وكان نصيبه ان كسر كل تابوهات المجتمع الخاطئه واعاد تقديم نفسه لنفسه اولا كناجح صنعه توفيق الله اولا ثم عمله الدوؤب ليكون ما أراد.
الدكتور علي حسن آل شامي استثناء نجاح اول في تجربة رصدتها منذ اول بواكير زمالتي معه، بل كنت أشفق عليه من جسارة احلامه، واليوم يتبوأ مكانة علمية مرموقة جعلته مثالا فريدا ينبغى ان يحتذي به كل محروم يتيم قست عليه الدنيا فى بداياته لكنه لم يستسلم ولم يحبط وصارع المرارات حتى اصبح بمقاييس النجاح وقوانينه احد اعلامه ورموزه ورواده
- علي المطوع