حل الموسم الحادي عشر من سوق عكاظ يحمل باقات من البرامج الثقافية التي أصبحت موضع ترقب سنوي للمثقفين عامة والمصطافين خاصة من داخل المملكة وخارجها، إِذ قطع المهرجان خلال عقده الأول مراحل متقدمة من النجاح في مختلف جوانبه التي جاءت نتيجة عزيمة صادقة وإرادة طموحة قاد مسيرتها العملية مستشار خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، مستنهضًا من بين أطلال عكاظ حكمة النابغة، بحنكة المعاصرة، وجمع صوت الخنساء بأصوات المبدعات العربيات، لتصبح خيمة الخنساء أيقونة فكر وثقافة وإبداع، ولتغدو جادة السوق (الراوية) التي تحكي للأجيال قصة تمتد تفاصيل أحداثها لأكثر من ألف وخمسمائة عام من ذاكرة الإنسان التي أخذت تبوح بها ذاكرة المكان منذ أحد عشر موسمًا.
كما جاء دور الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني باهتمام ومتابعة رئيسها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان، الذي قاد في قوافل السياحة الوطنية سالكًا بها طرق التراث الوطني الذي يعد أحد أبرز المقومات السياحية والثقافية في المملكة، إِذ أقر اعتماد جوائز السوق التي أصبحت في هذه الدورة ست جوائز وسبع مسابقات، ستجعل من سوق عكاظ شعلة موسمية من التنافس في مختلف الفنون الأدبية والإبداعية والأحرى البصرية والشعبية والحرفية وغيرها التي انسجم فيها البعد المحلي بالآخر العربي، في تكاملية نهضوية الرؤية، وعالمية الرسالة الحضارية، التي تتخذ من عمق التاريخ العربي، ومسيرة إِنسانه، وذاكرة أرضه أول المقومات التي تعيد الذهنية العربية إلى مفاصل تاريخها وسجل أصالتها واستقراء ذلك الامتداد العربي الذي ما تزال مؤشرات تأثيره في الحضارات الأخرى شواهد حية، التي تجعل من رؤية عكاظ ورسالته وأهدافه في مهمة «جادة» ليكون قيمة فكرية (منتجة) ورقمًا حضاريًا (فاعلاً) في مواسم استنهاض العقل العربي وتحفيزه على الفعل الثقافي.
إذ أردنا الاستدامة في مهرجاناتنا الثقافية، فعلى مؤسساتها الانخراط في شراكة عملية تكاملية، لا الاكتفاء بمسابقة الجماهير إلى مقاعد المتفرّجين!
- محمد المرزوقي