ياسر صالح البهيجان
امتدادًا للممارسات الخارقة للقوانين والأعراف الدولية، اتجهت حكومة قطر إلى انتهاك الأنظمة الخاصة بالجرائم الإلكترونية، بإدارتها وتمويلها لعشرات الآلاف من الحسابات الوهمية في شبكات التواصل الاجتماعي بهدف الإساءة للحكومات الخليجية، وفي مقدمتها الحكومة السعودية وشعبها، في سلوك مستهجن ولا يليق بدولة يفترض أن تحترم الأنظمة وتلتزم في تطبيقها.
حملات التحريض والتشويه عبر الحسابات الوهمية ليست وليدة الأزمة الخليجية الراهنة التي كشفت دعم وتمويل قطر لجماعات وتنظيمات إرهابية، بل قبل ذلك بأعوام، الدوحة وضعت ثقلها المالي لزعزعة استقرار دول الجوار بطريقة غير مفهومة وغير قابلة للتبرير، وعلى افتراض أنها تريد لعب دور إقليمي يفوق حجمها الطبيعي، فإن هذا الدافع لا يمكن تحقيقه بتلك الوسائل المراهقة، ثمة طرق أكثر رقيًا لتكتسب الدور المتناسب معها دون شيطنة جيرانها المشتركين معها اجتماعيًا وثقافيًا وجغرافيا، لكن يبدو أن من يتخذ القرارات في قطر لم يعد يؤمن بوجود قواسم مشتركة تفرض عليه مراعاتها، والخجل من خطوات لا تليق حتى بين الأعداء.
اعترافات ضابط المخابرات القطري حمد علي الحمادي بأنه تولى مهمة شراء بطاقات هواتف سعودية وإماراتية بأمر من جهاز أمن الدولة القطري ليتم استخدامها في إنشاء حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي كفيلة بتأكيد تورط الدوحة في أعمال تحريض وعبث بأمن دول الخليج، وهو ما كشفه كذلك المستشار في الديوان الملكي السعودي والمشرف العام على مركز الدراسات والشؤون الإعلامية، سعود القحطاني، عن هذه الحسابات الوهمية البالغة أكثر من 23 ألف حساب مصطنع تقف خلفها السلطة القطرية. تلك التصرفات الصبيانية لا مكان لها في الأعراف السياسية الرصينة، وتثبت أيضًا حجم الخبث والرغبة في تفتيت المجتمعات الخليجية، وتأليب الشعوب الآمنة ضد حكوماتها. ونحن إزاء هذا السلوك يتبادر إلى أذهاننا سؤال منطقي، هل قطر فعلا ضمن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي؟ وهل من الممكن أن تصدر هذه الأفعال من دولة حريصة على استقرار جيرانها والحفاظ على أمنهم؟
ما تقترفه قطر لا يقودنا إلا إلى إجابة واحدة، وهي أنها حكومة مختطفة، ومن يديرها ليس شخصًا خليجيًا، ولا يحمل إطلاقًا حس الانتماء إلى المنطقة، ثمة من يتحكم في مفاصل الدولة القطرية من جماعات وحركات ذات انتماءات حزبية لا تقيم شأنًا لوحدة المنظومة الخليجية، لكن المسؤولية تقع على من أفسح لهم المجال، وجعل من رموز التشرد والتطرف أصحاب حل وعقد في شؤون دولته، حتما لن تمر فعلته تلك مرور الكرام، ولن تقبل الدول باستمرار العبث والتدخل السافر في شأنها الداخلي. الأوضاع تغيرت، والصمت لا وجود له في هذه المرحلة التاريخية، فإما جيرة بإحسان، أو طلاق بائن إلى الأبد.