عماد المديفر
لم يكن مستغرباً أن يكون النظام الإيراني وتنظيم «القاعدة» الإرهابيين أول من يندد بما يسميانه بـ«حصار قطر» بعد سويعات فقط من قرار عدد من الدول العربية مقاطعتها لها بسبب إصرارها على نقض العهود والمواثيق التي وقعت عليها في وقت سابق في الرياض التي دعتها للوقف الفوري عن دعم الإرهاب والإرهابيين بأي شكل من أشكال الدعم.. بعد أن وصلت المملكة وشقيقاتها في دول مجلس التعاون في مساعيهم الحميدة لمحاولة احتواء ومناصحة النظام القطري -إنقاذاً للشعب القطري الشقيق من السياسات الكارثية لقيادته التي تسوق البلاد لمستقبل مظلم، وحفاظًا على وحدة منظومة دول مجلس التعاون- لطريق لم يعد النصح الشفوي ينفع.. فتم تثبيت ذلك بعهود موقعة.. نصت كذلك على العقوبات التي ستنتظر قطر من دول مجلس التعاون في حال لم تف بها القيادة القطرية.. وهو ما جرى منها بالفعل كعادتها.
أقول لم يكن وقوف نظام الملالي بطهران وتنظيم القاعدة مع النظام القطري بمستغرباً.. بل إن النظام الإيراني والتنظيم الإرهابي الدولي يتبنيان ذات المصطلحات التي يرددها النظام القطري وآلته الدعائية.. حتى أصبحا يتحدثان عن «حقوق الإنسان» و»الحصار الجائر المنافي للدين وللأعراف والقوانين الدولية والإنسانية»!! ومن المضحكات أن هذين التنظيمين الإرهابيين أضحيا يحاضران عن «حرية التعبير» و»احترام القانون الدولي»! في دفاع مستميت عن دولة قطر وقناة «الجزيرة» المنبر الأساس لتنظيم القاعدة، الذي لاقت إصداراته ولقاءاته مع رموز الإرهاب والانتحاريين طريقها للنشر عبر الأثير من خلالها.. بل وأفردت لها الساعات الطوال.. ملمعة صورة القاعدة وقادتها بدءاً من أسامة بن لادن مرورًا بعصابات القاعدة في جزيرة العرب وليس انتهاء بالظواهري والجولاني والسروري المحيسني.. حتى خرج هذا الأخير -الذي كان إمام الجامع القطري في مكة المكرمة وأحد من شارك فيما يسمى بمؤتمر رابطة علماء المسلمين في الدوحة والتي تروج الأخيرة أن هذه الرابطة المدعومة منها بشكل مباشر (سلفية) فيما اشتهر المحيسني ذاته بأنه مفتي تنظيم القاعدة في سوريا- ليفتي بحرمة مقاطعة قطر..
هذه المقاطعة التي وصفها بدوره بـ«الحصار الجائر والمحرم» ومصادراً كعادة التنظيم آراء الشعوب المسلمة ومنصباً نفسه كمتحدث باسم الإسلام، مقتفيا بذلك أثر أساتذته في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين كيوسف القرضاوي -الشهير بمفتي الانتحاريين- فيما يأتي نظام الملالي في طهران كأحد أفرع التنظيم الدولي الرئيسة للإخوان- ليقول إن «الشعوب المسلمة ترفض محاصرة» قطر.. مثنياً على نظامها القائم على عكس ما دأبت عليه أدبيات التنظيم ونظام الملالي تجاه الدول والحكومات والأنظمة العربية القائمة، التي لا تتوانى عن تكفيرها لها بالجملة، بل وتصفها بأنها «أنظمة قمعية تنفذ أجندة الصهاينة والصليبيين» متجاهلين أن النظام القطري ذاته يستضيف السفارة الإسرائيلية الوحيدة في دول مجلس التعاون والجزيرة العربية..
تماما كما يستضيف القاعدة الأمريكية الأكبر ومركز العمليات والسيطرة الرئيس لها في المنطقة، والتي انطلقت منها الطائرات التي نفذت عملياتها لغزو العراق عام 2003 م الذي عارضته المملكة العربية السعودية حينها بشدة كونها استشرفت خطورة ما سيؤدي له ذلك من كوارث.. وهو ما لم تستمع له وقتها الإدارة الأمريكية فكان ما كان.. واليوم أعلن الأمريكيون عن خيبة أملهم وعدم رضاهم على نتائج غزوهم العراق-.. وهو التنظيم الذي صم آذاننا حينها بمقولة «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» بحسب ادعاءاته.. في استهداف مباشر لأي تواجد أميركي في المملكة.. وهو ما يعني رضا هذين التنظيمين الإرهابيين عن نظام تميم والحمدين في قطر، في إشارة واضحة على استمرار العلاقات الجيدة والمتينة التي تربطهما بقطر كنظام حاكم.. بل وخرج المدعو الآخر «حامد العلي» الذي ورد اسمه في رسائل ابن لادن.. الذي يعتبره التنظيم الدولي للإخوان المسلمين أحد «فقهاء الأمة ومفتيها» والذي سبق له و «كَفّر» المملكة العربية السعودية بذرائع عدة أبرزها «موالاة الكفار الصليبيين» بحسب قوله.. وهو ذاته الذي أعلن مراراً تأييده ودعمه للقاعدي الإخواني «أبو مصعب الزرقاوي» مؤسس تنظيم «داعش» الإرهابي، خرج علينا هذا «العلي» هو الآخر بفتوى عنوانها «حكم الشريعة في الحصار الجائر على قطر»..
والحقيقة أن ذلك كله طبيعي ويأتي في سياقه، لا سيما إذا ما علمنا أن علاقة أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة بقطر وبقناة الجزيرة أو ما تسميه هي بـ «قوتها الناعمة» ..مثبتة.. حتى أثنى ابن لادن صراحة على قناة الجزيرة وامتدح قطر في رسائل موجهة لأتباعه من الشراذم الإرهابيين من الطبقات الدنيا التنفيذية، تماما كما في رسالة وجهها لزوجته المقيمة في إيران.. التي نصحها فيها للتوجه لقطر أو إلى سوريا حين كانت كاملة تحت سيطرة نظام المجرم بشار الأسد..
وحين نقول إن علاقة تنظيم القاعدة بالنظام القطري مثبتة، فإننا نعني الدعم الكامل لوجستياً وماديا ودعائيا وعملياتياً.. منذ العام 1993 وإلى اليوم.. بما في ذلك علاقة النظام القطري بما فيهم وزير الداخلية القطري السابق «عبدالله بن خالد آل ثاني» مباشرة بالعقل المدبر لأحداث الحادي عشر من سبتمبر والقيادي القاعدي البارز.. الباكستاني البلوشي خالد شيخ محمد.. وابن اخته رمزي يوسف.. وكذلك علاقتهم بقادة القاعدة في المملكة أمثال المغربي عبدالكريم المجاطي- الذي كان له دور رئيس في تأسيس تنظيمات إرهابية في المغرب تقدم نفسها بأنها (سلفية)- وغيرهم.. وهو ما سيرد تفصيله تباعا في مقالاتي القادمة -بمشيئة الله- التي هي في الواقع مقالات حقائق ومعلومات موضوعية وحيادية جداً. وليس فيها من الرأي الشخصي شيء.. إلى اللقاء.