هدى بنت فهد المعجل
لساني فقط يا سيدي...
(إجابة للممثل ستيفن فراي عن سؤال في مطار هيثرو، عما إذا كان يحمل أي أداة حادة) ما مدى حدّة اللسان قياساً بحدّة الموس.. أو المشرط؟!
وهل سينظر في خطورة اللسان ثم يدرج ضمن الممنوع حمله للمسافر على الخطوط الجوية طالما أن اللسان بات يشكل قنبلة موقوتة عرضة للانفجار في أي لحظة يشتد فيها الضغط على حامله..!!
***
قال زهير بن أبي سلمى:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
وإن سفاه الشيخ لا حلم بعده
وإن الفتى بعد السفاهة يحلم
وقد سجن عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشاعر الهجاء (الحطيئة) سليط اللسان الذي ما سلم من لسانه أحد حتى قيل إنه هجا أمه وأبيه، بل هجا نفسه فقال قصيدة يستعطف بها عمر بن الخطاب فأخرجه من السجن بعدما أبكت عمر.. فكان أن زج به لسانه إلى السجن.. ثم أخرجه منه..!! وبهذا يتأكد أن اللسان سلاح ذو حدين على أي حد استعملته أعطى..!!
فهل يرضيك أن تبقى بلا لسان؟
ومن بإمكانه الاستغناء عن تلك العضلة الصغيرة في الفم؟ علماً بأن الصمت ثقافة وتدريب واسترخاء حسي ومعنوي ننشده ما استطعنا للصمت سبيلا، في حين لا نجيد التعاطي معه بالصورة الصحية.
أنشد ودك بلساني.. وأفقد حبك بلساني..
تتكون لدى الفرد صورة متكاملة وواضحة عنك بفعل اللسان.. فإما أن تكون صورة حسنة مبهجة سارة.. والمؤلم لو كانت صورة سيئة باهتة..!!
لساني يسترد لي حقي إن تحرك ونطق أو سار على الخط السليم المنظم والمؤسس له.. ويحرمني حقي إن تلعثم وعرقله الحياء، والخجل، والجبن، أو الخوف..
لا حاجة لإشهار (عصا) التهديد و(خنجر) الإرهاب أو سيفه في حضرة لسان ذلق، ذلق، ذلق..
أكثر ما يخافه المجتمع، أي مجتمع لسان الشاعر.. لسان الخطيب المفوه.. وأكثر ما يحتاج إليه لسانهم أيضاً..
يدفعك نحو الشخص هندامه، مظهره، شخصيته، مركزه، دينه ومعتقده.. فإذا تحدث ونطق إما أن تستمر في اندفاعك نحوه أو تتراجع دون حزن أو أسف..
ويصرفك عن الشخص هندامه، مظهره، شخصيته، مركزه، دينه ومعتقده.. فإذا تحدث أو نطق اندفعت نحوه وتوطنت أرضه وسكنه..
كم لسان هوى بصاحبه في حفرة سحيقة.. وكم من لسان أخرجه منها.. ما أكثر اللحظات التي نشعر فيها بالندم لأننا تفوهنا وتحدثنا بما لا ينبغي أن نتحدث به.. وكثيرة هي الساعات التي فوتنا فيها ما ينبغي أن نتحدث به وألجمنا...!!
الصمت ثقافة واسترخاء لكنها لا تسقط ثقافة الكلام الصادرة عن اللسان..