محمد آل الشيخ
زيادة درجات الحرارة في بعض مدن المملكة، خاصة هذه الأيام، وربما في شهر أغسطس القادم أيضا، يجعل من الضرورة بمكان إعادة النظر في منع إدارة المرور تظليل زجاج السيارات بسب الظروف المناخية لبعض مدن المملكة. العربات الخاصة في المملكة غالبا هي أداة التنقل الرئيسة، هذه العربات تُوقف أثناء عمل الموظفين في مناطق مكشوفة وغير مظللة، وعندما يخرج الموظف من عمله قرابة الساعة الثانية ظهرا، تكون السيارة بحكم أشعة الشمس شديدة الحرارة بشكل لا يطاق، لتصبح عملية انتقال الموظف بعربته من عمله إلى سكنه ضربا من ضروب العذاب. طبعا هذا لا يشمل كل مدن المملكة، وإنما جزء منها؛ لذلك فإن هذا التفاوت في درجات الحرارة بين مدن المملكة تفاوتا كبيرا، يجعل من الضرورة بمكان إعادة النظر جديا في منع تظليل السيارات في بعض مدن الملكة شديدة الحرارة خاصة تلك المكتظة شوارعها بالعربات في ساعات انتهاء الدوام الحكومي في أوقات الظهيرة.
ربما أن تظليل السيارات قد يسهل تنقلات الإرهابيين، وتخفي المطلوبين أمنيا بين مناطق المملكة، غير أن للظروف المناخية القاسية أحكامها، الأمر الذي يجب أن تأخذه في الاعتبار إدارة المرور؛ إضافة إلى أن من الثابت علميا أن تظليل السيارات من شأنه تخفيف درجات الحرارة داخلها، فضلا عن أن بعض أنواع التظليل من شأنه - أيضا - حجب أنواع من الأشعة الضارة بالإنسان خاصة إذا ما اختلطت أشعة الشمس بتلوث الهواء الناتج عن مخرجات عوادم السيارات في المدن الكبيرة المكتظة بالمركبات وكذلك الشاحنات الكبيرة.
وهناك مدن في بعض دول الخليج تراعي هذه الظروف المناخية القاسية في منطقتنا، وتأخذها في الاعتبار؛ ففي الإمارات العربية المتحدة - يسمحون - بتظليل زجاج العربات بما نسبته 25 % فقط، عدا الزجاج الأمامي للسيارة، بحيث يقوم سائق العربة بحجب هذا الجزء الأمامي من العربة عند توقفها بساتر من القصدير ليُقلل من درجة الحرارة داخلها.
ولكي يعرف كبار المسؤولين في الإدارة العامة للمرور معاناة أهل المدن التي ترتفع فيها درجات الحرارة إلى ما يقرب من الخمسين درجة مئوية، كم أود لو يجرب أحدهم أن يوقف سيارته يوما في منطقة مكشوفة، وغير مظللة، ليعرف كيف تجلد شمس الظهيرة المواطن جلد غرائب الإبل، فيشعر بنفسه ما يذوقه أغلبية الموظفين في الوظائف المتوسطة والدنيا من عذاب أثناء ركوب سياراتهم عند نهاية الدوام الرسمي.
في الدول المتحضرة الأصل في الأمور السماح ولا يمكن أن يُتخذ قرار بالمنع إلا وهناك دراسات وإحصاءات واستقصاءات وموازنات بين المنع والسماح تبرر تطبيق هذا الإجراء أو منعه، أما في المملكة، خاصة لدى الجهات المرورية، فإن الإجراء المتبع عادة يتلخص في مقولة (باب يجيك منه ريح سده واستريح)، دون أن يكون ثمة ما يبرر إغلاقه في الغالب اللهم إلا (مزاج) مسؤول ليس في قاموسه المعرفي شيء يسمى الدراسة، وتقدير الموقف على الأرض حق قدره.
كل ما أطالب به هنا أن لا تعامل مدن المملكة، متفاوتة المناخات، بأسلوب واحد، وأن يأخذ في الاعتبار الظروف المناخية، وخاصة مرتفعة الحرارة في فصل الصيف بعين الاعتبار.
إلى اللقاء.