أ.د.عثمان بن صالح العامر
يسجل لصاحب المعالي الدكتور عواد بن صالح العواد - من خلال مواقف عدّة وفي مناسبات مختلفة داخلية وخارجية -، حكمته وحنكته وحزمه وعزمه، وصدق توجهه في استقطاب وتوظيف الطاقات السعودية الشابة الثقافية والإعلامية بشكل احترافي متميز، مما ينمّ عن حس وطني، ويدلل على امتلاكه ملَكات ومهارات ومعارف ومدركات قيادية، استطاع أن يوظفها توظيفاً أمثل في علاقاته وتعاملاته ولقاءاته ومعالجاته منذ تسنم منصب وزير وحتى تاريخه، وجزماً أشد ما تكون الساحة الثقافية والإعلامية في المملكة العربية السعودية حاجة لمثل هذه البصيرة النافذة والوعي الثاقب في التعامل، مع ما يحاك ويدار قولاً كان أو كتابة عن الوطن «المملكة العربية السعودية» أو المواطن «السعودي»، ومن بين المواقف التي تذكر لمعاليه فتشكر موقفه الرائع - مطلع هذا الأسبوع - حين سنّ عدد من التويتريين أظفار أصابعهم المشبوهة ومن حسابات مختلفة ليغردوا مشنّعين ومتهكمين بالمذيع السعودي الشاب محمد الذيابي، جراء خطئه في نطق اسم مدينة «هامبورغ « الألمانية التي انعقدت فيها قمة العشرين نهاية الأسبوع الماضي، مع أن هذه الزلة قد تجري على لسان أفصح البلغاء وأنبه الحكماء وأكبر المسئولين وأعظم الخطباء المفوّهين، ولكن ... ، بل تجاوز التندُّر حسابات العالم الافتراضي ليصل إلى قناة الجزيرة التي حاولت منذ ما يزيد على العشرين سنة وما زالت، تحاول جهدها أن تلتقط «الحبة منا لتجعل منها قبة علينا»، زاعمة ومعتقدة أنها بهذا الصنيع وما ماثله قادرة على اختراق الممانعة القوية التي يتمتع بها أبناء وطننا المعطاء المملكة العربية السعودية، مما يمكنها بعد ذلك - حسب ما تمني به سدنتها - من هز الصورة الذهنية الإيجابية للسعودي ( قيادة وإعلاماً وثقافة وشعباً).
لقد غرّد العواد بما نصه: «ساءتني كثيراً الحملة ضد زميلنا المذيع محمد الذيابي بسبب خطأ لغوي بسيط، وأتضامن معه شاكراً جهوده، ولا صحة لما أشيع من معلومات عن إيقافه». وهو في هذه التغريدة - التي أعتقد أنه وُفق فيها - دشّن - وفقه الله - حملة تويترية، أُطلق عليها: (حملة#متضامن_مع_محمد_الذيابي) التي قلبت الموازين، وأعادت الكلمة المغرد بها في العالم الافتراضي المفتوح إلى ميزان العدل الذي طالبنا الله به، حين نقول أو نكتب أو نغرد حتى ولو كان قولنا في حق عدو لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (8) سورة المائدة.
إنّ من الجرم أن يتصيّد بعضنا أخطاء بعض، ونتتبع الزلات، ونبحث عن السقطات، ونفرح بالعثرات، ونضخم صغائر الأمور حتى تصبح كالجبال الراسيات على كاهل صاحبها، ونجعل من تويتر أو الفيس بوك ساحة للوغى واللغط والسخط والتندر، كما أنّ من المعيب أن ننعق مع كل ناعق، ونصدق مجهول الحال غير معروف الهوية، ونصفق لكل متهور عجول مع أننا نعلم أن هذا العالم المفتوح يكتب فيه الكل، العدو والصديق، العاقل والمجنون، النزيه وصاحب الهوى، الحاسد والحقود.
الواجب علينا ونحن في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة التي نخوض فيها حربنا ضد الإرهاب وفلوله، أن نزن الأمور، وتتكاتف كلماتنا وعباراتنا لتكوّن صفاً وطنياً واحداً في وجه الأعداء كما هو حال جنودنا البواسل في الميدان وساحة الوغى.
أكرر شكري وتقديري لمعالي وزير الثقافة والإعلام على دماثة خلقه ورقي حروفه وحسن منطقه، داعياً الله عزّ وجلّ أن يوفقه ويسدد خطاه .. دمتم بسلام، وتقبلوا صادق الود والسلام.