يوسف بن محمد العتيق
كتبت في أواخر شهر رمضان المنصرم مقالاً بعنوان (شكر من أهدى لي عيوبي بين النظرية والتطبيق) ورويت فيه موقفًا علميًا كبيرًا للرائد والأديب أحمد السباعي -رحمه الله- في شكر من نبهه إلى ملحوظات في كتبه وزاد على ذلك أن طلب من أهل العلم تنبيهه وتزويده بالملحوظات على ما يكتب، وشكرهم في مقدمة كتابه.
هذا الموقف غير المستغرب على قامة كبيرة وكريمة مثل السباعي ألهم العديد من القراء وأثار شجونهم وهمومهم على واقع بعض المؤلفين والكتاب اليوم.
وفي يوم المقال نفسه لم يتمالك الاستاذ عبدالله بن محمد أبا بطين نفسه ليبث عبر وسائل التواصل همه من شريحة من المؤلفين، الذين ينظرون لأنفسهم على أنهم أدباء زمانهم، وهم دون ذلك، وكتب إلي أبا بطين رسالة جعلت من مقدمتها عنوانًا لمقالي هذا، حيث قال لي في رسالته:
ائتني بأحمد سباعى آخر في هذا الزمان الذي ينظر فيه المؤلف إلى أنه أديب زمانه وأن الاستشاره يعتقدها نقصًا في مؤلفه، بل هو أصلاً لا يقبل أن يطلع أحد على مسودة كتابه
وهذا أحد أسباب هجران الكتاب، والمشكلة الأصعب قد يعتقد بعدم وجود من هو أفضل منه من الأدباء والمؤرخين، هذا طبعًا لا ينطبق على الجميع.
هذا ما قاله الاستاذ أبا بطين، وهو شعور عدد غير قليل من الباحثين الذين أحزنهم واقع الكثير من الكتب والمؤلفات التي أصبحت تخرج من دون أدنى عناية من المؤلفين، فبعض المؤلفين يتكتم على خبر عمله في كتاب ما بحجة أنه لا يريد أن تسرق فكرته أو جهده (وهذا حق مشروع له) إلا أن ذلك قد يكون سببًا في حرمانه من الكثير من الإضافات من المعنيين الذين لو علموا بخير الكتاب لزودوه بما لديهم من وثائق أو صور.
وهنا القضية المهمة باختصار، كيف يتعامل المؤلف مع كتابه وهو في أيام الإعداد ثم مرحلة النشر ووصوله للباحثين، وكيف يتعامل مع الملحوظات التي تصله من الآخرين؟
في هذا الموقف، وفي هذه اللحظات تتبين التربية العلمية لدى المؤلف والكاتب.