د. جاسر الحربش
أكتب هذه السطور بصفة مواطن سعودي من عامة الشعب إلى كل مواطن قطري من عامة الشعب، وهي رسالة إخوة وارتباط مصيري لا تغيرها السياسات ولا القطيعة المؤقتة التي تنتهي بتصحيح أسبابها.
أخي المواطن القطري: أنت وأنا قد نتقابل صدفة في مكان ما من شرق الأرض أو غربها، فتلتقي العيون ثم نتصافح ونسأل عن الأحوال ثم نودع بعضنا بالأحضان. أنت لم ترني من قبل وأنا كذلك، لكننا عند أول لقاء عابر انجذبنا إلى بعض، حيث قد لفحتنا وصهرتنا نفس الشمس وحفرت فينا الأخاديد نفس الرياح. لعلنا إذاً نترك الحسابات السياسية لأهلها، ونحسبها بيننا بما يتوافر لدينا من معلومات ونوايا طيبة وقدرات، لنركز على ما هو أهم، الذي هو الحاضر المتشارك والمستقبل المشترك.
أنت تشبهني كما أشبهك في كل شيء، وأنت تعرف تقلب السياسات وتعلم أنها لا تبنى على العواطف مهما تكرر ذكرها في مختلف المناسبات والمجاملات الدبلوماسية. من المؤكد أنك مطلع بما فيه الكفاية على ما يجري داخل دولتك وكل دول الجوار، وأنا كذلك، وبناءً على ذلك نستطيع تكوين رأينا الخاص والتمييز بين ما هو صادق وكاذب في الاتهام والاتهام المعاكس العابر للحدود. ليتنا من خلال هذه الرسالة كمواطنين تربطهم نفس المصالح نصل إلى الاستنتاج المنطقي حول ما سبق ولحق وما يمكن أن ينتج عن ذلك، والذي من الواضح أنه إضافة تراكمية على سوابق لا دخل لك ولا لي بها، بل هي بين أولئك الذين تعهدوا لنا بالدفاع المشترك عن هذه الرقعة الجغرافية التي نتقاسم منها وعليها العيش والمستقبل.
لعلنا الآن نتفق على جعل نقطة التفكير المشترك بيننا تتركز في البحث عن إجابات صريحة للأسئلة التالية:
أولاً: ما هي الدولة التي ثبت عليها عدة مرات بالوثائق والتسجيلات تآمر حكامها على كل الجيران، وخصوصاً على السعودية كياناً وحكومة، بما في ذلك استئجار عملاء لاغتيال الملك السعودي، ولم تسلم من حماقاتها حتى الكويت المتصالحة مع الجميع.
ثانياً: لمن تعود ملكية تلك المؤسسة الإعلامية الصاخبة التي لم تقدم يوماًً برنامجاًً واحداًً للتصالح والتوفيق بين الأضداد، وجعلت كل برامجها مكرسة للفرقة والفتنة وتمزيق كيانات المنطقة، وهي التي يجلس في مكتبها الاستشاري عضو من الكنسيت الإسرائيلي.
ثالثاً: هل عندكم في قطر قناعة حقيقية بأن لديكم بعكس حكومات المنطقة حكومة ديموقراطية برلمانية تعددية تختلف في المرجعيات التشريعية وتوزيع السلطات عن دول مجلس التعاون الأخرى، أم أن الحال من بعضه.
رابعاً: هؤلاء الصاخبون المطبلون الأجانب الذين جمعتهم حكومتكم من كل بقاع الأرض في الدوحة، هل فكرتم جدياًً في أسباب تزاحمهم على أبواب حكامكم، وهل فكرتم في احتمال انقلابهم عليكم في أي لحظة؟
خامساً: هل تعتقدون أن العساكر الأجانب في قواعدكم جاؤوا لحماية بلدكم، أم لحماية من استأجرهم ضد الجيران وضد أي غضبة محتملة منكم في المستقبل.
وفي الختام يا شريكي في المصير، كل ما أرجوه منك هو التفكير في أبنائك وأبنائي، قبل الإجابة على هذه الأسئلة التي هي قليل من كثير، ثم بعد ذلك لك أن تقرر أين تقف ودون تحيز سوى لمصلحة المنطقة وساكنيها والأجيال القادمة.