د. محمد عبدالله العوين
كأن الله كتب لجيران قطر التخلص من كثير من الأذى والمكايد وتعقيد المشكلات وتخليق الخلايا وتكوين الجماعات المتطرفة ودعم المنشقين والمخربين بإصرار قيادتها على موقفها المنكر المتعنت المتهرب من تحمل جرائر ما ترتكبه من خيانات في حق صلات الدم والعروبة والجوار والتاريخ والمصير المشترك.
ولنا أن نتساءل: لم تصر على الإنكار؟ ولم تتعنت؟ وعلى ماذا اتكأت عليه كي تتمنع وتسعى إلى الظهور بمظهر القوي الواثق من سلامة موقفه؟!
ربما ظنت أنها حليفة لبعض قوى الشر التي لا تريد للعرب ولا للمسلمين خيرًا، ووجدت تلك القوى في قيادة قطر -مع الأسف- نزعة انتقام، وشعورًا كامنا بالضعف، وتطلعا إلى البحث عن دور مؤثر، وشرهًا في امتلاك قوة قرار سياسي ومالي تستطيع من خلاله فرض نفوذ على دول المنطقة بديلا أن تفرض إرادات جيرانها عليها -كما يخيل لها- وجدت قوى الشر دوليةً وإقليميةً لدى حمد بن خليفة وحمد بن جاسم هذه المشاعر تغلي كالبركان في داخلهما -وتسريب القذافي خير شاهد- فتوافقت رغبات اليمين المتصهين في إدارة بوش الابن وأوباما لاحقا مع الطموح الجامح الكامن في وجدان الحمدين، متكاملا ذلك التخطيط مع مستفيدين إقليميين كنظام الملالي في إيران فكانت قطر رأس الحربة في طعن الأمة العربية بما سمي زورا بـ»الربيع العربي» الذي تبنته إدارة أوباما ونفذته تحت مسمى «الفوضى الخلاقة».
ليس من الممكن التوسع في الأعمال التخريبية التي ارتكبتها قطر لتحقيق الفوضى في الوطن العربي من أجل تحقيق أحلامها في قيام «دولة قطر العظمى» بعد إعادة رسم الخرائط كما أوهمها به أعداء الأمة؛ فسلسلة تلك الآثام القطرية على لسان كل متحدث وكاتب وفي كل وسيلة إعلامية.
الأهم الآن وقد كتب الله للمنطقة الخلاص من عميل وخائن لأهله وأمته ودينه وجيرانه أن نضع احتمالات عدة للنهايات المتوقعة لتنظيم الحمدين وليس لقطر شعبًا وكيانًا وجغرافيًا، وأصر على أن المشكل الكبير هما الحمدان وما يحملانه من فكر نشاز محتقن بالكراهية وممتلئ بمشاعر عظمة كاذبة موهومة وبطموح أكبر من أن يحتمله كاهلاهما وأثقل من أن ينهضا به ليقيما إمبراطورية قطرية وهمية على أنقاض إمبراطورية حقيقية تلف بهما من ثلاث جهات؛ هي المملكة العربية السعودية.
أما ماذا يمكن أن تتطور إليه أزمة قطر، وكيف ستنتهي وبأية صورة؛ فذلك متخيل ومعلوم في حسبان قادة الحزم والحسم الذين توكلوا على الله وعزموا على قطع رأس الحية بدلا من التهويش عليها بالعصا، والاحتمالات هي:
- مع إمعان تنظيم الحمدين في التعنت؛ لأنه يرى في الاستسلام للمطالب كشفا كاملا لخياناته وفقدانا لما يطمح أن يقوم به من أدوار سياسية ستشتد صور « المقاطعة» إلى حد الاختناق وتجفيف منابع المال الذي يمد يه التنظيم الجامعات المتطرفة والمخربين.
- سيحدث لدى الشعب القطري تململاً مما سببته له حماقات نظامه السياسي مما يهيئ لقبول أي تغيير قادم في قيادة البلاد للخلاص من الضغوط الاقتصادية وحالة القلق والمخاوف من أن يؤدي عناد السلطة إلى الفوضى والاضطراب أو الدخول في مواجهة خاسرة مع دول المقاطعة.
- ربما يتنبه الحكماء والعقلاء من أسرة آل ثاني إلى خطورة المنزلق الذي قد تهوي فيه قطر بإصرار تنظيم الحمدين على السلوك السياسي والأمني العدائي لجيران قطر وللأمة العربية فيتفقون على ضرورة إبعاد الحمدين إبعادا كاملا عن السلطة وتنصيب من يرونه موضعا للثقة وقادرا على انتشال قطر من أزمتها بالتوافق مع جيرانها ومصالح العرب والمسلمين.
- قد يخطط الابن تميم للانقلاب على أبيه إما بطرده من قطر أو بتحديد إقامته؛ لكي يمارس سلطاته بصفة كاملة؛ لأنه الآن يملك ولا يحكم.
- مع الضغط الاقتصادي والسياسي وشدة العزلة ربما ينقذ الجيش البلاد بالقيام بانقلاب عسكري ويمسك بزمام السلطة إلى أن يتوافق أهل الحل والعقد على اختيار من يرون مناسبا من أسرة آل الثاني.