بدأت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الإعداد لمشاريع تطويرية لسوق عكاظ في الطائف لتحويله إلى وجهة سياحية ثقافية رائدة على مدار العام، بالتعاون مع شركائها من الجهات الحكومية في المحافظة.
وأكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن سوق عكاظ سيشهد منظومة تطويرية متكاملة إلى جانب الفعاليات المصاحبة؛ وذلك استكمالاً لمجهودات الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، الذي يقود التطوير لسوق عكاظ.
وأشار سموه إلى أن جهود الهيئة في سوق عكاظ تتجاوز تنظيم فعالية السوق إلى مشاريع أخرى، مثل مشروع مدينة عكاظ ضمن مبادرات الهيئة في برنامج التحول الوطني، إضافة إلى مشروع «جادة المستقبل»، ومشاريع النزل البيئية، وغيرها من مشاريع الهيئة في السوق.
تراكم معرفي
وثمَّن سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث والوطني الدعم والاهتمام الدائمَين من مقام خادم الحرمين الشريفين للتراث الوطني بكل مجالاته، اللذين تُوجا برعايته - حفظه الله - لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري الذي جمع جهود ومشاريع التراث تحت مظلة واحدة؛ ليكون سوق عكاظ ضمن المشروعات الرئيسة والرائدة لهذا البرنامج. مبينًا أن عكاظ كان منذ نشأته جزءًا مهمًّا من تاريخ إنسان الجزيرة العربية، وكذلك نقطة ضوء تكشف العمق التاريخي والتراكم المعرفي لإنسان هذه الجزيرة العربية من قبل عهد الإسلام.
وأوضح سموه أن إقرار مبادرة سوق عكاظ ضمن مبادرات الهيئة في برنامج التحول الوطني يأتي امتدادًا لما قامت به الهيئة في هذا المشروع الذي يأتي في إطار برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، وضمن الجهود التي تمت في مشروع تطوير الطائف وإعادة رونقها الذي صدرت موافقة المقام السامي الكريم على تشكيل فريق لها، يتكون من إمارة منطقة مكة المكرمة وهيئة السياحة والتراث الوطني ووزارة المالية ووزارة الشؤون البلدية والقروية.
وأضاف الأمير سلطان بن سلمان بأن مبادرة الهيئة بالتنسيق مع إمارة مكة ومحافظة الطائف وأمانة الطائف لتطوير مدينة عكاظ التاريخية ترجع إلى ما للسوق من أهمية تاريخية؛ كونه أهم أسواق العرب القديمة، وارتبط اسمه بالنشاط الثقافي والاقتصادي، وهو السوق الذي زاره النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد البعثة، وبقيت معالمه محفوظة حتى يومنا هذا؛ إذ كان السوق - ولا يزال - رمزًا للتراث العربي، ويخضع السوق حاليًا لدراسات أثرية وتنقيبات في أجزاء منه واسعة، بعد أن أظهرت المسوحات الأولية أنه من المواقع الغنية بالآثار.
حقائب استثمارية
وأوضح سمو رئيس الهيئة أن الهيئة تسعى في كل المشاريع التي تقوم بها إلى إشراك القطاع الخاص في التنمية، إضافة إلى القطاع الحكومي؛ لذلك يجري استكمال عملية التهيئة لطرح حقائب استثمارية للقطاع الخاص للعمل على مشاريع عدة في المدينة. مبينًا سموه أن تحول المدينة التاريخية إلى عامل جذب للسياح والزوار سيحث المستثمرين على توفير محال تقديم الخدمات والتجزئة والمطاعم والمقاهي، وكذلك مركز إبداعي حرفي، وقرية تسوق، وأيضًا سوق تراثي، مع سوق مفتوح.
وقد تبنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني مبادرة تطوير مدينة عكاظ بمحافظة الطائف ضمن مبادرات الهيئة في برنامج التحول الوطني 2020 الذي أقره مجلس الوزراء لتطوير عدد من الوجهات السياحية، ويعد أحد المشاريع الرئيسة في برنامج خادم الحرمين الشريفين للتراث الحضاري، ويهدف إلى إثراء التجربة السياحية المتكاملة، وتعزيز التراث الحضاري.
مليارا ريال
وتقدر مساحة المشروع بـ 10 ملايين متر مربع بمدينة الطائف الجديدة، باستثمارات كلية يصل مجموعها إلى 3.7 مليار ريال لكامل مراحل المدينة، منها تمويل حكومي نسبته 23 %، وتمويل خاص نسبته 77 %، وتبلغ ميزانيته ضمن برنامج التحول الوطني 815 مليون ريال، خصص منها 483 مليون ريال لتطوير المرحلة الأولى، منها 233 مليون ريال لإنشاء مشاريع البنية الأساسية داخل الموقع والمشاريع الثقافية والتعليمية الترفيهية. وكذلك 250 مليون ريال لإيصال خدمات البنية الأساسية إلى حدود الموقع. كما سيتم طرح حقائب استثمارية لمشاركة القطاع الخاص في التطوير بما يقارب 1800 مليون ريال، وبذلك يصل حجم الاستثمار المتوقع في المرحلة الأولى (2020) إلى قرابة مليارَيْ ريال.
ويتوقع أن تسهم مدينة عكاظ في جذب أكثر من 266 ألف سائح سنويًّا، وتحقيق إيرادات بقيمة 377 مليون ريال، مع أثر على الناتج المحلي الإجمالي يصل إلى 294 مليون ريال، كما يوفر أكثر من 4400 وظيفة إضافية مستحدثة، ويسهم في بناء نحو 1250 غرفة فندقية و130 وحدة سكنية.
مشاريع تحت التنفيذ
وتتضمن مراحل سير العمل في مبادرة مدينة عكاظ حاليًا مشاريع تحت التنفيذ، هي: إعداد المخطط الهيكلي، وضوابط ومعايير التطوير، ومخططات البنية الأساسية التفصيلية لمدينة عكاظ، والطريق الرابط بين مطار الطائف الجديد وطريق الرياض - الطائف السريع مرورًا بمدينة عكاظ، ومشاريع البنية التحتية، وهي مشروع إيصال شبكة الكهرباء وتنفيذ محطة التحويل (الشركة الوطنية لنقل الكهرباء)، ومشروع إيصال شبكة المياه (شركة المياه الوطنية)، إضافة إلى المشاريع الثقافية والتعليمية الترفيهية التي تمولها وتنفذها الدولة كمشروع متنزه عكاظ الوطني، ومشروع تنفيذ أعمال البنية الأساسية وتطوير الموقع العام، ومشروع تنفيذ المباني والمنشآت.
وتشمل المشاريع التي ستنفذها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وشركاؤها في القطاع العام قاعة رباعية الأبعاد، ومتاحف تفاعلية، تركز على التعلم بالترفيه بمساحة إجمالية 2000 متر مربع، وقيمة 69.4 مليون ريال، ومتحف التاريخ الإسلامي بمساحة 10 آلاف م2 وتكلفة 73 مليون ريال، إضافة إلى مركز المعارض والمؤتمرات بمساحة 24 ألف م2، وتبلغ قيمته 138مليون ريال، وقاعة متعددة الأغراض بإجمالي 25 مليون ريال على مساحة 5600م2. كما سيتم إنشاء أكاديمية الشعر العربي بمساحة 3 آلاف م2، وتهدف إلى التثقيف المستمر من خلال أنشطة ومهرجانات وفعاليات ثقافية ومعارض شعرية ومسرحية طيلة السنة، تجذب الطلاب من داخل وخارج المملكة، والمتحف المفتوح بمساحة 4 آلاف م2 وقيمة 3 ملايين ريال، بجانب مركز الإبداع الحرفي، وتبلغ كلفته الإجمالية 9 ملايين ريال على مساحة 2800م2، ومتنزه عكاظ الوطني بالتعاون مع وزارة البيئة والزراعة والمياه بقيمة 101 مليون ريال.
مشاريع مستهدفة
أما المشاريع المستهدف تنفيذها من القطاع الخاص ضمن مبادرة مدينة عكاظ فتتنوع بين متنزه ترفيهي، وقرية التسوق التراثية، وسوق مفتوح، ونزل إيواء، والمخيمات البيئية، ونزل تراثية، وقرية التسوق، ومنتجع استشفائي، وفندق تراثي، وفندق ومركز للأعمال، ونادٍ اجتماعي، ومدارس عالمية، ونادٍ صحي نسائي، ومرافق رياضية، وشقق سكنية، ومستشفى، ومجمع سكني «فلل»، ومجمع سكني «منازل متلاصقة»، وبيوت مكتبية.
وتسعى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني من خلال هذا المشروع إلى تطوير أول وجهة سياحية ثقافية متكاملة في المملكة؛ إذ ستقدم مدينة عكاظ مجموعة من المرافق والمزايا والمراكز الثقافية والمتاحف والمناطق الترفيهية ومركز للمؤتمرات، التي ستجعل منه مركز جذب ثقافي للأعمال والترفيه والضيافة، ووجهة تجذب الزوار على مدار العام. وتهدف الهيئة إلى تحويل مدينة عكاظ إلى مركز للأعمال في مدينة الطائف الجديدة، وإضافة اختيارات ترفيهية جديدة في الطائف التي تتميز بتاريخ عريق كمصيف تاريخي للمملكة.
جادة المستقبل
وكانت دورة العام الماضي قد شهدت وضع حجر الأساس لأول هذه المشاريع، وهو مشروع «جادة المستقبل» تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.
ويهدف مشروع «جادة المستقبل» الذي يقام على مساحة تفوق 25 ألف متر إلى إعادة إحياء دور سوق عكاظ في تشكيل المستقبل للمواطن السعودي والمقيم والزائر، من خلال عرض أفكار ومنتجات المستقبل، وتشجيع المبدعين والمفكرين على عرض منتجاتهم وأفكارهم في «جادة المستقبل»، التي ستتيح للزوار التعرف على المستقبل بجميع مجالاته الأدبية والعلمية والتقنية والاجتماعية بطريقة ممتعة وجاذبة، تمكِّن الزوار من استلهام المستقبل، وتؤثر في النشء الجديد إيجابًا نحو تعليمه وحياته.
وقد تم تصميم الجادة بشكل يعبِّر عن المستقبل في مختلف عناصرها بمظهر فريد. وتصل الجادة في مرحلتها الأولى بين المشروع التطويري الجديد لمدينة عكاظ وجادة سوق عكاظ الحالية، ويشارك فيها عدد من الجهات الحكومية والقطاع الخاص.
وسيتم العمل على تطوير «جادة عكاظ المستقبل» بما يتوافق مع هدف سوق عكاظ تاريخيًّا بكونه وسيلة للتفكير في مستقبل المشاركين فيها؛ إذ تحتوي الجادة على معارض للجهات الحكومية والشركات.
كما تحتوي على معارض للاختراع والابتكارات في مجالات مختلفة، مثل التقنية والطب والهندسة والعمارة والاتصالات وغيرها، وينظم كل معرض جهة حكومية أو شركة من الشركات ذات العلاقة. وكذلك ساحة مفتوحة لتقديم عروض المستقبل والأنشطة التفاعلية؛ إذ تشتمل على عروض واستعراضات خاصة بالمستقبل، مثل عروض الروبوتات والعروض التفاعلية، فضلاً عن شاشة المستقبل لعرض الأفلام عن المستقبل والعلوم ذات العلاقة، وفعاليات وأنشطة مختلفة عن الأدب والثقافة والفكر.
وتشتمل الجادة أيضًا على بوابة المستقبل؛ إذ تتصل «جادة عكاظ المستقبل» الحالية ببوابة تقنية متقدمة، تنقل الزائر من التراث إلى المستقبل بمنتجاته وعروضه العلمية الحديثة. وكذلك الساحة التفاعلية، وهي عبارة عن منطقة مفتوحة، تتوسط الجادة، يتفاعل فيها الزوار مع أنشطة المستقبل، وتمكنهم من تجربة الابتكارات والتعرف على الاختراعات الحديثة التي يقدمها مشاركون في الجادة في مختلف المجالات. وأيضًا مراكز معلومات المستقبل على مداخل الجادة، تتولى استقبال الزائرين ومساعدتهم في الوصول إلى وجهتهم داخل الجادة، وتزويدهم بالمعلومات اللازمة عن معارض الفعاليات التي تقام داخل الجادة. وكذلك معارض المستقبل، وهي معارض مؤقتة ذات تصاميم مستقبلية، يختلف كل منها عن الآخر حسب الجهة العارضة، ومن حيث عناصره وتجربة الزيارة فيه. وتتيح الساحة المفتوحة في وسط الجادة سهولة التنقل بين عناصر الجادة، وتواصل الزوار مع بعضهم ومع المشاركين. كما تتميز بتوظيف تقنيات متطورة في العرض الجذاب لتحقيق استمتاع واستفادة الزوار.
مخيم بيئي
كما طرحت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني المخيم البيئي بمدينة عكاظ بالطائف «سوق عكاظ» للاستثمار ضمن ثلاثة مواقع استثمارية، جرى تخصيصها لإقامة نزل ومخيمات بيئية في عدد من المناطق التي تلائم طبيعة المشروع كنمط جديد من أنماط الإيواء السياحي؛ لتكون متاحة أمام المتنزهين والزوار في تلك المناطق، ووضعها كفرص استثمارية أمام المستثمرين في القطاع السياحي لبدء مشروعاتهم وفق رؤية اقتصادية واستثمارية واضحة.
ويقع المخيم البيئي في سوق عكاظ على مساحة 115 ألف متر مربع، ويتميز بقربه من المدن الرئيسة بمنطقة مكة المكرمة، ووقوعه بالقرب من مطار الطائف القائم؛ إذ يبعد 12 كم، وعن مطار الطائف المقترح 7 كم، وتقع مدينة عكاظ ضمن المخطط الهيكلي لمدينة الطائف بالقرب من الامتدادات السكنية الجديدة والخدمات العامة. ويهدف كذلك لإيجاد نمط جديد غير متوافر حاليًا من الإيواء والخدمات السياحية في محافظة الطائف.