د. محمد عبدالعزيز الصالح
عندما وافق أكثر من 90 % من أعضاء هيئة البيعة على تعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد، لم تكن تلك الموافقة لهيئة البيعة مستغربة على الجميع، بل إن هذا الإجماع لهيئة البيعة إنما جاء ليؤكد للجميع بأن محمد بن سلمان هو الأنسب للمرحلة الحالية، فسموه وبما يملكه من قدرات متراكمة يعتبر هو رجل المرحلة، ويكفي سموه تلك الجهود الجبارة التي بذلها على امتداد السنوات الأربعة الماضية، والتي تمخضت عن الكثير من الإنجازات السياسية والاقتصادية والتنموية للوطن، وما من شك أنه سيكون لها تأثيرها الإيجابي الكبير على مسيرة مملكتنا الغالية.
وبالإضافة إلى القدرات الفائقة التي يتمتع بها سمو الأمير محمد بن سلمان، فهو أيضاً رجل قانون ورجل اقتصاد وسياسة، وهذا ما أهله أن يكون رجل دولة محنكاً.
لا يمكن لأحد إنكار أن كفاءة وقدرات سمو الأمير محمد بن سلمان هي الجانب الأهم الذي جعل ملكنا الحكيم سلمان بن عبد العزيز يطرح الثقة في سمو الأمير محمد وتعيينه ولياً للعهد، والتي باركها مجلس البيعة بأغلبية ساحقة.
قد لا يعرف البعض أن محمد بن سلمان رجل قانون من الطراز الأول، فسموه درس وتخرج عام 2006 م من كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة الملك سعود بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، ولم يكتف سموه بذلك، بل حرص سموه على العمل مستشاراً قانونياً في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء متزوداً بالمهارات القانونية، كما عمل سموه مستشاراً خاصاً لسمو أمير منطقة الرياض (الأمير سلمان في ذلك الوقت 2009) وذلك حرصاً من سموه على اكتساب سمات القيادة وإدارة عمل الدولة، معلناً سموه للجميع، ومنذ ذلك الوقت بأن لديه الطموح، وأن هناك خارطة طريق سيعقد العزم على إنجاز وتحقيق جميع خطواتها.
وعندما ننظر إلى المناصب القيادية التي تولاها سمو الأمير محمد بن سلمان في الدولة خلال السنوات الأربعة الماضية، نجد أن سموه قد حقق نجاحات باهرة في كل منصب تولى قيادته، ومن تلك المناصب رئاسة سموه لديوان ولي العهد وإشرافه على مكتب وزير الدفاع وعضوية سموه لمجلس الوزراء، ومن ثم توليه لقيادة وزارة الدفاع، وكذلك رئاسته للديوان الملكي وعمله مستشاراً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين، ومن ثم تعيين سموه ولياً لولي العهد نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، وكذلك رئاسته لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وعضوية سموه في مجلس الشؤون السياسية والعسكرية.
إن من يتابع الجهود الجبارة التي بذلها سمو الأمير محمد في كل محطة من تلك المحطات يدرك أننا بصدد شخصية غير اعتيادية، كما أن من يتأمل الإنجازات النوعية التي حققها سموه في جميع المحطات التي تولاها خلال السنوات القليلة الماضية يستطيع أن يدرك بأن المملكة متجهة - بإذن الله - إلى مستقبل أكثر إشراقاً في كل الجوانب السياسية والاقتصادية والتنموية والأمنية.
ومما يؤكد حنكة وبُعد نظر الأمير محمد بن سلمان قيام سموه بطرح رؤية المملكة 2030 والتي ستنقل اقتصادنا الوطني من اقتصاد قائم على مصدر دخل وحيد هو النفط، إلى اقتصاد وطني تتعدد مصادر الدخل فيه، وكانت هذه الرؤية لسمو الأمير محمد بن سلمان تقوم على الإيمان بكفاءة المواطن السعودي، وقد أشار سموه في أحد اللقاءات التلفزيونية إلى البعد التاريخي في ذلك عندما أشار إلى أن الملك عبد العزيز - رحمه الله - قد تمكن في ذلك الوقت من إدارة الوطن برجاله من غير نفط.
بناء على كل ذلك، كان من الطبيعي أن يوافق مجلس البيعة وبالإجماع الساحق على تولي سمو الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد. ولا نملك هنا سوى أن نبتهل بالدعاء أن يوفق الله سموه وأن يسدد خطاه إلى ما فيه صالح الوطن والمواطنين.
كما لا يفوتني هنا أن أتوجه بوافر التقدير لسمو الأمير محمد بن نايف على الجهود الكبيرة التي بذلها طوال مسيرة عمله الحكومي، وعلى الأخص جهود سموه في مكافحة الإرهاب.