جاسر عبدالعزيز الجاسر
الدول الصغيرة، وقطر إحداها. إذ يكرر مسؤولو دولة قطر وحكامها بأنها دولة صغيرة، وهذه الصفة يؤكد إعلانها في كل مناسبة بأن المسؤولين في قطر يشعرون بعقدة نقص متأصلة لا يستطيعون التخلص منها، وهذه العقدة إذا ما أضيف إليها خصلة سيئة أخرى وهي «الحقد» والكره الدفين الذي يسيطر على وجدان وتفكير وسلوك ما يسمونه في قطر «الأمير الوالد» وهو ما ورّثه لولده تميم ويشاركه فيه قرين السوء حمد بن جاسم، فإن تلازم تلك الخصلتين تجعل من قطر بؤرة نقص متأصلة خاصة لدى جماعة الأربعة الحاكمة المكونة من الحمدين وتميم ووالدته وأدّى تأصل وترسيخ عقدة النقص المعززة بخصلة الحقد والضغينة التي تعشش في أفئدة جماعة الأربعة الحاكمة إلى محاولات دؤوبة منذ استيلاء حمد بن خليفة على حكم الإمارة عام 1995م والذي حاول تعويض عقدة النقص التي تنميها خصلة الحقد بالرهان على جملة أفعال جميعها تتناسب مع تربيته وسلوكه ولهذا فعند طرح «نظرية الفوضى الخلاقة» التي ابتدعتها الإدارة الأمريكية، أدرك حمد بن خليفة وقرينه في السوء حمد بن جاسم أن الفرصة أصبحت مواتية لهما للكيد من الدول العربية المحورية والتي تأتي قطر أمامها «لا شيء»، واعتقد قرينا السوء بأن تبني فكر الفوضى الخلاقة يحقق لهما العديد من الأهداف التي يبنيان عليها أحلامهما بأن يتم التعامل معهما كمحركين للأحداث وصانعي التغير، ويقربهما من دولتهما الكبرى حتى وإن كُلفا بدور «عميل» وهو ما عملا على تحقيقه سواء عبر تعهدهما بنقل القواعد الأمريكية لقطر ودفع تكاليف النقل والاستضافة معتقدين بأن وجود قاعدتين أمريكيتين على أرض قطر سيعظم من نفوذها وتأثيرها الدولي على عكس ما تجسد لدى الدول العربية المجاورة وحتى أهل قطر الذين قابلوا تلك الخطوة باحتقار وزيادة في الشعور بالدونية خاصة بعد إشاعة حمد بن خليفة وقرينه في السوء حمد بن جاسم بأن وجود القاعدتين يحميهم من أطماع الجيران.
وحتى يكتمل ما يقومان به من عمل يكلف به عادة عملاء من يرتضون خدمة قوى أخرى، كان لابد من تبني ودعم ومساندة جماعات سياسية تكون أداة لتنفيذ ما يرسم لهما من أدوار ومهام، وهكذا وبتنسيق مع الإدارة الأمريكية السابقة، إدارة أوباما تصاعد دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين في رهان مكشوف بأن هذه الجماعة التي توظف الدين لخدمة أهداف سياسية مشبوهة لها القدرة أيضاً على تحريك العديد من الجماعات المسلحة التي هي بمثابة مليشيا إرهابية جاهزة كون جماعة الإخوان المسلمين هي «الرحم» والمحضن لكل الجماعات المسلحة الإرهابية بما فيها المليشيات الطائفية «الشيعة» التي تبنت نفس أساليب وأدبيات الإخوان المسلمين من خلال تطبيق تعاليم حسن البنا وسيد قطب التي ترجم كتبهم مرشد ثورة الخميني الحالي علي خامنئي.
لكي تضمن حكومة قطر التنفيذ المتكامل للدور المناط بها والذي تعتقد بأنها تعالج عقدة النقص التي يشعر بها حكامها وتشفي غليل الحقد الذي يستوطن حمد بن خليفة وقرين السوء حمد بن جاسم، رمت قطر بكل ثقلها خلف إدارة أوباما وأدت العديد من الأدوار السرية التي ستكشف لاحقاً لمساعدتها في تحقيق غاياتها في تقسيم المقسم من الدول العربية والعمل على نشر الفوضى و الفتن في كثير من الدول بما فيها الدول الشقيقة والمجاورة لقطر، وكانت جماعة الأربعة الحاكمة قطر تعتقد أن دورها سيستمر ويتعاظم بعد نجاح هيلاري كلنتون في خلافة أوباما، وقد صدرت العديد من الإشارات من الدوحة تؤكد هذا المنحنى، بل حتى الآن يروج من يعملون مع قطر سواء في العواصم العربية التي تدور في المدار الإيراني أو حتى في العواصم الأوروبية، بل وحتى في أمريكا من أن حكم ترامب لن يستمر طويلاً، وأن أمريكا ستعود إلى تبني فكر الفوضى الخلاقة التي ستتيح لحكام قطر العودة للعب الدور المناط بهم كعملاء مخلصين لهذه النظرية المؤذية.