سعد السعود
حسم اتحاد الكرة أمره، وأقر الاستعانة بستة لاعبين أجانب لكل نادٍ. ومن تلك الخانات يمكن كذلك استقطاب حارس مرمى، وهو الاستقطاب الذي بات شبه مؤكد لأغلب الفرق بعد زيادة الأجانب عكس العدد السابق. وحتمًا فخطوة إقرار هذا العدد الكبير من اللاعبين الأجانب خطوة تاريخية، لم تسبق منذ نشأة رياضتنا، وهي الخطوة التي يراهن مؤيدوها على أنها ستصنع الفرق.. في حين يرى رافضوها أنها في بحر الفشل ستغرق.. وفي السطور الآتية أحاول أن أناقش الفكرة بمنطق.
يبدو للوهلة الأولى أن الخطوة فريدة.. وستصنع حتمًا الإثارة.. كيف لا واللاعبون الأجانب سيكونون أكثر من المحليين داخل الملعب.. لكن السؤال الجوهري: ما التأثير الفني لذلك؟ وما تبعاته على الحراك الرياضي لدينا؟ وهل سيسهم في دفع عجلة الأندية والمنتخب للأمام أم سيعيدهما للخلف؟
في الجانب الإيجابي فالأكيد أن تلك الخطوة ستعيد التوازن لأسعار عقود اللاعبين، وتكبح التضخم.. وربما تولي الأرقام الفلكية بلا رجعة.. فالخيار بات مفتوحًا للأندية للاستعانة بالمواهب الأجنبية، ربما بأقل من ربع قيمة عقد أحد لاعبينا.. فضلاً عن أن لَي الذراع والمفاوضات تحت الطاولة ستتلاشى.. فلا أظن بعد تحديد سقف الأعلى للرواتب أن هنالك ضمانة لما سيقدمه اللاعب من عطاء بعد توقيعه.. فقد يوقع بالملايين، ويستلم المقدم، ثم يهوي بمستواه؛ وبالتالي فأعتقد أن إدارات الأندية ستفكر ألف مرة قبل أن تدفع السعر الباهظ لتضع رقبتها رهينة مزاجية اللاعب.
علاوة على أن الجانب الفني سيرتفع، وخصوصًا إذا ما أحسنت الأندية اختيار أجانبها.. فاللاعب الناشئ سيجد أمامه دروسًا يومية تُقدَّم من الكفاءات الأجنبية، سواء في التدريبات.. أو حتى فيما يقدم من لمحات في المباريات.. وهذا ما سيسهم في زيادة مدارك اللاعبين الصغار.. ويضيف لهم بُعدًا مهاريًّا وتكتيكيًّا بناء على اختلاف مدارس ومراكز اللاعبين القادمين.. وهو الأمر الذي سيمنح اللاعبين المحليين فرصة للاحتكاك بتلك القدرات الفنية القادمة.. واستثمار وجودها أحسن استثمار.
في المقابل، إن أخشى ما يخشاه الرافضون للفكرة ـ وأنا أحدهم ـ تأثير تلك الخطوة على المنتخب.. فالحراسة - مثلاً - وهي مركز يقتصر على 14 لاعبًا في أندية دوري جميل قد يصبح نصفهم فقط يتحدث محليًّا وربما يزيد.. وهو ما يجعل فرصة مشاركتهم ضئيلة؛ وبالتالي سيجعل مدرب المنتخب في حرج بسبب قلة عدد الحراس الوطنيين.. وتلاشي فرصتهم في الاحتكاك والمشاركة دوريًّا؛ ما سينعكس سلبًا على جاهزيتهم وقدرتهم على المشاركة مع المنتخبات الوطنية.
بل إنه بحسبة بسيطة إن الفرق كانت ـ عندما كان عدد اللاعبين الأجانب 4 فقط ـ تشارك أسبوعيًّا في الدوري بـ 98 لاعبًا أساسيًّا، ويزيد العدد بدخول الاحتياط.. لكن مع تأكد استعانة كل ناد بعدد 6 لاعبين أجانب سيتقلص المشاركون إلى 70 لاعبًا؛ وهو ما يعني باختصار تقلص خيارات مدرب المنتخب من اللاعبين.. وتفويت الفرصة على الكثير ممن ينتظر المشاركة بسبب شغل الخانة بلاعب أجنبي، تم استقطابه، ولا يُعقل ركنه على الدكة.
ولعلي أهمس في أذن من يردد أسطوانة: اللاعب الجيد سيفرض نفسه حتى لو وضع أمامه ألف حاجز، التي يرددها مؤيدو الفكرة.. فأقول: إن هذه المقولة لا تبدو منطقية.. فباختصار، إن لم تجد متنفسًا فلن تنفعك قدراتك حتى لو كنت تملك أكبر رئتين؛ لأنه ببساطة إن لم تجد مكانًا للرسم فلن تستطيع إبداع لوحتك حتى لو امتلكت الموهبة ولديك كل الأدوات.
خلاصة القول برأيي المتواضع: إن الموافقة على استقطاب 6 لاعبين أجانب ستكون مفيدة جدًّا للأندية.. لكنها في المقابل ستلحق الضرر بالأخضر.. أضف إلى فوائدها أنها ستسهم في تخفيض عقود اللاعبين المحللين.. لكنها في المقابل تعني خروج أموال رياضتنا للاستقطابات الخارجية؛ لذا كل ما أتمناه هو مراجعة الفكرة بشكل دوري.. والنظر بميزان المصلحة للعامة لكفتَيْ ميزان السلبيات والإيجابيات.. وأيهما ترجح كفته يكون هو المعمول به لتالي السنوات.
آخر سطر لنابليون بونابرت:
أحسن وسيلة للتغلب على الصعاب اختراقها.