يوسف المحيميد
حين يقول وزير خارجية دولة إن دولته ليست وحدها الداعمة للإرهاب، فهو اعتراف علني مصوَّر ومسجل أمام الملأ بأنهم دعموا الإرهاب، حتى وإن كان يحاول جر دول أخرى بإلصاق التهم بها، لكن المضمون يعني أنهم يدعمون الإرهاب، وجميع القرائن - وهي حتمًا قوية ومعروفة - لا تعني شيئاً مقابل اعتراف المرء بجريرته.
ورغم أن ثمة دلائل وقرائن تثبت أن الشقيقة قطر متورطة بدعم جماعات متطرفة، ورغم أنها تحتضن أشخاصاً متورطين بقضايا إرهابية، معظمهم غير قطريين، إلا أنها تكابر وترفض إبعادهم عن أراضيها، بل وتقوم قناتها ببث لقاء مع إرهابي مطلوب، من باب حرية الرأي والرأي الآخر، وهي أكذوبة تشرعن من خلالها إثارة الفوضى بين الشعوب، فهي لم تزل تكابر وتعاند سواء من خلال الرد على المطالبات من أشقائها، أو تصريحات مسؤوليها التي تحمل نبرة التعالي والمكابرة.
إن سعي قطر إلى تدويل الأزمة، والمماطلة في حسم أمرها، والتعالي الساذج، يعني أنها خرجت من محيطها الخليجي والعربي علنًا، وفتح أراضيها للأتراك والإيرانيين، وهم ممن ينتظرون بفارغ الصبر فرص التخريب وإشاعة الفوضى في الدول العربية، فهل هذا يعني اللعب على المكشوف، وأن قطر تريد أن تقول ليكن أنا مخلب القط الذي يريد إشاعة الفوضى والخراب والدمار في الدول العربية، حتى في الدول التي كادت أن تستقر، مثل ليبيا، التي أعلنت مراراً أنها تعاني من تدخلات الحكومة القطرية في شؤونها الداخلية، عاد إليها الصراع بين الأطراف، وعادت أفكار التقسيم إلى دويلات صغيرة.
علينا أن نتساءل من الذي يحرِّك مخلب القط خلف الستار؟ من الذي يوجه سياسته، ويضلله بأن الموافقة على شروط الأشقاء والتعاون معهم هو رضوخ واستسلام؟ من الذي يوجه هذا المخلب حيثما شاء، ووقت ما يشاء، من الذي يقود هذا القط نحو قاع الخليج دون أن يملك من أمره شيئًا؟ لا شك أن الدول الأربع ستكشف الكثير خلال الأيام القادمة، وسيعرف العالم ما الذي يدور، وستنكشف أوراق المحرك الأساس لهذه التدخلات والدعم لأطراف النزاع في الدول، وتأجيجها، حتى أصبح العالم العربي يغلي داخل تنور من الصعب إخماده!
والله إنه أمر محزن أن تخرج قطر من محيطها الخليجي والعربي دونما ذرة حياء، وأن ترتمي في أحضان دول ذات أطماع تاريخية معروفة في بلداننا، والله إن التاريخ سيسجل ما فعلته الحكومة الحالية بمستقبل قطر ومصير شعبه الشقيق.