«الجزيرة» - سعد العجيبان:
في مؤشر قوي على بدء «احتراق ثوب الإرهاب القطري».. تواجه الدوحة تحركات متسارعة لإحالة الملف القطري لمجلس الأمن، وسط تجاوب عالمي «لافت» مع الحملة المناهضة لدعم وتمويل الدوحة للإرهاب والتطرف. ومع «وفرة» الأدلة الدامغة على تورط قطر في دعم الإرهاب.. أكد وزير الخارجية عادل الجبير أن لقاء «الرباعية العربية» في القاهرة كان يهدف لبحث خطوات إضافية قد تتخذها الدول الأربع في الوقت المناسب بعد دراستها للرد القطري على المطالب الـ13.
وأكد الجبير أن بيان قمة مجموعة الـ20 التي استضافتها «هامبورغ» بألمانيا كان واضحاً ويبين مدى أهمية مكافحة الإرهاب وسبل تمويله، مبينا وجود إجماع واضح بين قادة مجموعة العشرين على مكافحة الإرهاب، مشدداً على ضرورة ألا يُسمح لأي دولة بدعم الإرهاب.
الجبير وصف اجتماعه مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون أمس السبت، بأنه كان مثمراً، مبينا أنه تم بحث أزمة قطر والتدخلات الإيرانية في المنطقة ومكافحة الإرهاب، بالإضافة للعلاقات الثنائية وقضايا المنطقة.
بريطانيا
في الكويت جددت بريطانيا أمس دعمها للوساطة الكويتية في حل الأزمة.. مؤكدة عملها على استعادة وحدة مجلس التعاون الخليجي، معتبرة أن أمن الخليج من أمن بريطانيا.
احتواء الاحتقان
وأعرب وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إثر مباحثات أجراها أمس في الكويت عن قلق المملكة المتحدة من استمرار الأزمة الراهنة، وناشد جميع الأطراف بضرورة احتواء الاحتقان، والاستعجال بإيجاد حل عبر الحوار.
دعم الوساطة الكويتية
وأكد جونسون دعم بريطانيا الكامل للوساطة الكويتية ومساعي وجهود الشيخ صباح الأحمد لحل الأزمة، مبينا أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، سبق وأن أكدت أن أمن الخليج من أمن بريطانيا، التي ستظل ملتزمة بقوة استقرار المنطقة، داعياً الأطراف كافة إلى القيام بدور بناء من أجل استعادة وحدة مجلس التعاون الخليجي.
الاستقرار الإقليمي
وأشار جونسون إلى أن إحراز تقدم في حل الأزمة أمر ممكن.. مبيناً أنه سيحث على دعم الوساطة الكويتية خلال جولته الخليجية التي تشمل كافة الأطراف، مع تأكيد أهمية العمل على إزالة التصعيد، وضمان وحدة الخليج بهدف الاستقرار الإقليمي.
«لطالما عرفنا أن قطر مشكلة»
وفي الولايات المتحدة الأمريكية.. نشر رئيس لجنة مكافحة الإرهاب في إدارة الرئيسين كلينتون وبوش مقالا في صحيفة «نيويورك ديلي نيوز» الأمريكية، بشأن واقعة كان مسؤولا عنها تتعلق بإيواء قطر لأحد أخطر الإرهابيين في العالم، ورعاية الدوحة له والحيلولة دون إلقاء القبض عليه. وأشار ريتشارد كلارك إلى أن الإدارات والأجهزة الأمريكية لم تكن تثق في القطريين لمعرفتهم بعلاقتهم بجماعات وقيادات إرهابية.
قطر الملاذ الآمن للإرهابيين
وجاء في نص المقال الذي حمل عنوان «لطالما عرفنا أن قطر مشكلة»: من بين الاتهامات المتبادلة بين دول الخليج مؤخراً، تضيع بعض الحقائق وسط غيوم الخلاف.. ومن الحقائق أن قطر وفرت ملاذاً لقادة وجماعات اعتبرتهم الولايات المتحدة ودول أخرى منظمات إرهابية.. وليس هذا بالأمر الجديد.. فهو مستمر منذ 20 عاماً.. وأحد من آوتهم كان العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر.
مجزرة 11 سبتمبر
وتابع كلارك: يربط معظم الناس مجزرة 11 سبتمبر باسم أسامة بن لادن.. إلا أن زعيم العصابة الحقيقي كان إرهابيا خطيرا آخر.. عرفت اسمه خالد شيخ محمد لأول مرة عام 1993 لارتباط اسمه بعملية تفجير شاحنة في مركز التجارة العالمي.. بعدها عرفنا أن لديه القدرة على ترتيب هجمات إرهابية واسعة النطاق.. وهو ما كان يفتقر إليه بن لادن.
بين نيويورك ومانيلا
وبين كلارك أن خالد شيخ محمد الباكستاني ترعرع في الكويت.. وأمضى دراسته الجامعية لأربع سنوات في نورث كارولينا.. وبعد هجوم نيويورك ظهر مجددا في مانيلا عام 1995 متورطا في مؤامرة تفجير طائرة ركاب أمريكية فوق المحيط الهادي فيما عرف بعملية بوجينكا. وأضاف كلارك: في عام 1996 وبسبب عملية نيويورك وبوجينكا اعتبرناه أخطر إرهابي طليق على وجه الأرض.. وبنهاية العام كانت هناك إدانة جنائية فيدرالية بحقه.. وسعت المخابرات المركزية الأمريكية لتحديد مكانه باعتبار ذلك أولوية قصوى.
وجدوه في قطر!!
وقال كلارك في مقاله: وجدوه في قطر.. حيث مُنح وظيفة صورية في هيئة المياه.. وأصبح القرار بشأن الخطوة التالية من اختصاص لجنة من إدارات الحكومة المختلفة تحت رئاستي: المجموعة الأمنية لمكافحة الإرهاب. وأضاف: كان هناك إجماع في اللجنة على أنه لا يمكن الوثوق في قطر للقيام بما هو طبيعي في تلك الحالات.. أن تطلب من قوى الأمن المحلية إلقاء القبض عليه ثم تسليمه.. فلدى القطريين تعاطف تاريخي مع الإرهابيين.. وواضح أن أحد الوزراء وهو فرد من العائلة الحاكمة له علاقات بجماعات مثل القاعدة ويبدو أنه هو من تولى رعاية خالد شيخ محمد.
تسليم استثنائي
ومضى كلارك في القول: لذلك قررنا القيام بعملية «تسليم استثنائي».. أي التقاط بواسطة فريق أمريكي والنقل فوراً للولايات المتحدة.. في تلك الأيام كان المعرضون للتسليم الاستثنائي يصدر بحقهم «إنذار ميراندا».. عبر هيئة محلفين ومحامين تعينهم محكمة مدنية.. كانت المشكلة في تلك الحالة أنه لا توجد إدارة ولا جهاز على استعاد للقيام بعملية الاختطاف تلك. وكانت السفارة الأمريكية في قطر في تلك الأيام جزءاً من «برنامج السفارات الخاص».. أي لا تتعدى مكتب صغير في وزارة الخارجية.. فلم يكن هناك مكتب تنسيق مع مكتب التحقيقات الفيدرالي ولا محطة مخابرات ولا ملحق عسكري في السفارة.
تخطيط
وزاد كلارك: لم يكن بإمكان مكتب التحقيقات الفيدرالي أو المخابرات المركزية إدخال فريق دون أن يثير ذلك شك أجهزة الأمن القطرية.. ورغم أن فريق (دلتا فورس) أُنشأ للقيام بعمليات خطف أو إنقاذ رهائن في بيئة معادية فلم يتم تكليف الخبراء في هذا الأمر ضمن هيئة الأركان من قبل البنتاغون. وضعت هيئة الأركان خطة لعملية عسكرية تشبه إنزال الحلفاء في (نورماندي).. تتضمن قوات أمريكية قبالة السواحل.. وفي الجو وعلى الأرض في قطر.. وكانت تلك طريقة القيادات العسكرية للتعبير عن ترددهم في الانصياع لطلب خرق سيادة دولة للقبض على شخص واحد تعتقد لجنتنا أنه «يسبب مشاكل».
عملية مماثلة في الخرطوم
كنا واجهنا وضعاً مماثلاً من قبل عندما طلب البيت الأبيض من البنتاغون خطف إرهابي واحد من غرفة فندق في الخرطوم.. ووضعت القيادة العسكرية المترددة خطة تستهدف السيطرة على كامل العاصمة السودانية وليس القبض على شخص.. وهم يعرفون طبعاً أنها سترفض.. ومن نافلة القول أن القيادة العسكرية الأمريكية كانت مترددة في قبول الأوامر بالتدخل في أي عمل لمكافحة الإرهاب قبل 11/9.
الاتصال مع القطريين
ومع ما بدا من عدم قدرة مكتب التحقيقات الفيدرالي أو المخابرات المركزية أو وزارة الدفاع على خطف خالد شيخ محمد من قطر.. أو القيام بذلك دون أن تبدو عملية غزو عسكري للبلد.. لم تجد إدارة الرئيس كلينتون أمامها سوى خيار واحد: الاتصال مع القطريين.
أمير قطر
ولتقليل المخاطر المحيطة بالمحاولة.. طلبنا من السفير الأمريكي أن يتحدث إلى الأمير فقط وأن يطلب من الأمير أن يكلم فقط رئيس جهاز الأمن.. وكان الطلب أن يقبضوا على خالد شيخ محمد لبضع ساعات حتى يصل فريق أمريكي ينقله إلى الولايات المتحدة.. وبعد لقاء السفير مع الأمير اختفى خالد شيخ محمد.. ولم يستطع أحد العثور عليه في مدينة الدوحة الصغيرة.. بعد ذلك قال لنا القطريون إنهم يعتقدون أنه غادر البلاد.. لكنهم لم يقولوا لنا أبداً كيف؟.
هجمات
وانطلق خالد شيخ محمد ليرتب هجمات 11 سبتمبر.. وهجوم بالي في إندونيسيا قتل الصحفي الأمريكي دانيال بيرل وغيرها من الهجمات الإرهابية.. في عام 2003 ألقي القبض عليه بواسطة مسؤولين أمريكيين برفقة ضباط باكستانيين.. وهو الآن في معتقل غوانتانامو في كوبا.
عالم حاله مختلف
واختتم ريتشارد كلارك مقاله بالقول: لو كان القطريون سلموه للولايات المتحدة في عام 1996 كما طلب منهم، لكان العالم حاله مختلفا الآن.