فهد بن جليد
لا أعلم ما مصير الكثير من المُقترحات التي كنَّا نسمع عنها مع كل صيف، حول ضرورة وجود برامج توعوية وإعلامية وتربوية للحد من تصرفات بعض السياح السعوديين بالخارج، ومنها مُقترحات ناقشها مجلس الشورى سابقاً في هذا الجانب، وهي ردَّة فعل طبيعية لما تحمله أخبار سياحنا المُنتشرين على كوكب الأرض، والأخطاء التي يرتكبها بعضهم.
بالمناسبة يكثر الحديث عن هذه الأخطاء والتصرفات وتغطيتها في وسائل إعلامنا أكثر من وسائل إعلام تلك الدول، و- برأيي - أننا لا نحتاج للتخلص منها إلى مدارس أو أكاديميات خاصة لتعليم فنون وآداب السياحة، فالمسألة مُرتبطة كُلِّياً بثقافة المُجتمع طوال أيام السنة داخلياً وخارجياً، فمثل هذه الأمور والأخلاقيات يمكن اكتسابها بالفطرة والخبرة والمُحاكاة والتجربة سنة بعد أخرى، ومنها فلسفة السياحة عند الخليجيين والأخطاء التي تتكرر منهم في كل مرة، فلا يمكن أن يكون للمُسافر ثقافة خاصة وقناعات مُحددة يُخصصها للسفر، ومن ثم يعود إلى ما كان عليه سابقاً، فهذا برأيي (انفصام في شخصية السائح) خلاف مُراعاة بعض القوانين والأنظمة التي تختلف من بلد لآخر, وما عدا ذلك فالترويح عن النفس والانبساط والكرم والتمسك بالمفاهيم والقناعات والاحتياجات والطباع الخاصة من سمات الإنسان الخليجي في حله وترحاله, وهي مقبولة ومُرحب بها لدى مُعظم تلك المُجتمعات التي نقصدها للسياحة عادة, وكما قلت أن التذمُّر أكثره يصدر من العرب أنفسهم, لا من تلك البلدان السياحية التي تعلم حجم المردود الاقتصادي والفائدة من قدوم السياح الخليجيين إليها, لذا فهي ترحب بهم وتتغاضى عن بعض أخطائهم.
في هذا الموسم لم نسمع - حتى الآن- ما كنَّا نسمع به في الأعوام الماضية من أخطاء تتعلق بالطبخ والنفخ وإعداد القهوة العربية داخل غرف الفنادق، والشواء بإشعال النار في الحدائق، والسباحة في البحيرات الممنوعة، تشغيل الشيلات والرقص والاستعراض بالسيارات الفارهة، واصطياد الطيور والبط، ومخالفة القوانين المرورية، إضافة للمكاسر في الأسعار.. مما يعني ارتفاع مستوى الثقافة السياحية عند ربعنا، وأن هذه الثقافة يتم اكتسابها من قبل السائح الخليجي سنة بعد أخرى، وهذه نتائج جيدة ومُبشرَّة بشرط أن يتوقف فضول كاميرات هواتف سياحنا في أوروبا من توثيق أخطاء بعضهم بعضاً وسط صراخ الشيلات، فتلك شرارة المُشكلة.
وعلى دروب الخير نلتقي.