مها محمد الشريف
كان الرد القطري سلبيًا في مجمله ويفتقر لأي مضمون، وإخلاء المنطقة من التخريب والتدمير مطلب حكومات دول مجلس التعاون ومصر، وتجريم تاريخ الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، واتخاذ الإجراءات الجديدة حيال قطر حتى تعدل سلوكها، وتمتنع عن التدخل في شؤون الدول الداخلية، وسيكون رد قطر السلبي على قائمة المطالب مزيدًا من العقوبات.
وما زالت قطر تخضع للمقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية منذ أسابيع، من جانب السعودية وحليفاتها الثلاث مصر والإمارات والبحرين، وفي انتظار مزيد من العقوبات بعد تدخلها في الشأن الليبي الذي قدم للعالم دلائل تورطها في تخريب واغتيالات لشخصيات سياسية ليبية.
وبهذا المعنى فإن التصعيد لن يتوقف وسيتخطى المراحل الأولى وسيكون مختلفًا تمامًا والتحرك لمحاصرتها بالمنظمات الدولية وعقوبات اقتصادية أكبر من المطالب الـ13 التي أصبحت لا تساوي القادم من العقوبات.
ولعل طبيعة موقفها السلبي سيغير من السلوك المريض النرجسي الذي يرى نفسه أقوى من الجميع، وهو في الحقيقة قزم في عالم من العمالقة.
ولهذا الموقف الذي اتخذته الدول الأربعة دروس عظيمة سيذكرها تاريخ قطر ويكشف علاقة حكومته بالقطيعة وبالأعمال الإرهابية التي ترعاها وتقوم بها ضد الآمنين.
وكل هذه التكوينات التاريخية تخضع للسياسات التي تعطل العقل في الفكر الحديث وتجلب الويلات للشعوب، وبذلك فالتاريخ الإنساني ثري بالوقائع الكبيرة في خضم الصراعات والنزاعات المذهبية الاجتماعية والسياسية، وهذا هو المفتاح لكل أبواب الضياع.
وعندما نقيس ذلك على سياسة الإنكار التي مارستها الدوحة التي تشد الانتباه دعائيًا لم تشفع أمام الأدلة والإثباتات على تورطها في دعم الجماعات الإرهابية، وتعلقت بمصير محدد معادٍ لجيرانها والعرب، ولا تملك إلا العودة للحضن الخليجي أو الاستمرار في تناقضات ينكرها مدلول العقل تسهم في زعزعة الاستقرار في دولة قطر نفسها.
وهكذا إذن فإن قطر حين لعبت أدوارًا مزدوجة في غياب الضمير والإخوة والجوار كان أكثرها تجليًا في دعم الجماعات الإرهابية في البحرين ومناف لمبدأ العدالة والإخلاص التي تقوم عليها أخلاق المسلم، وكذلك غياب التوافق للإنسان السوي العاقل بين القيم الإنسانية والأخلاقية.
رغم كثير من الأعمال المبطنة بالرياء والمشاركة في قوات درع الجزيرة، إلا أن العناية الإلهية وجهود المملكة كشفت عن تورطها في دعم جماعات إرهابية في السعودية ومصر وليبيا. هذه الأدلة الدبلوماسية القطرية قد اربكت وزير خارجيتها خلال زيارته إلى روما بأن بلاده موجودة ضمن قائمة الدول الداعمة للإرهاب.
فكيف نفهم حضور هذا التخبط الذي يقود إلى مزيد من التباعد الذي كرسته قطر، بداية من ردها السلبي على سلسلة المطالب التي قدمت لها، بعدما سربتها خلافًا لكل الأعراف الدبلوماسية.
ومن ثم فهي تقرر مصيرها وترفض كل الحلول والعروض وتواصل سكب المزيد من النقاط السلبية التي توجه إليها أصابع الاتهام.