د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
إذا أردنا أن نتحدث عن صحافة الأزمات، فلا بد لنا أن نقف عند تمكنها من صناعة الردود، وأن نقف أيضا عند صناعة الرأي الذي تؤسسه الرؤية الوافرة، وصناعة رواة الأخبار وناقليها، والأهم من ذلك صناعة القناعة بقضية النقاش من خلال جملة من المؤشرات والمصادر، ومن ثمّ استحضار ذلك كله في قوالب صحفية مضيئة تؤصل لحقوق الشعوب في الحياة الكريمة. فالصحافة في مجملها صناعة دقيقة لها مواصفات ومقاييس يلزم التحرك من خلالها، والصحافة في وقت الأزمات سلاح مواجهة حاد ينبغي أن يستل من غمده ليناضل، وجميل أن تكون صحافة الأزمات في حيازة المنصفين والأجمل أن يحملها العقلاء الذين يتأملون ويقولون ويفعلون، فيصبح منبر الصحافة في الأزمات نصيرًا للقضايا الحصرية التي تنشد الحق وينشدها السلام، ولقد دفعني إلى الحديث عن صحافة الأزمات تلك المعارك الجدلية المحفوفة بالاستعداد للاشتباك التي ركبتها منابر الصحافة في دولة قطر في تلك الأزمة الكبرى مع حكام تلك الدولة الذين بدا انشقاقهم من خلال صحافة متأزمة مأزومة، ولذا فإننا نتفق أن القلم الصحفي الحر يضم الوعي بالأهمية والحاجة التي اخترعت الصحافة تحديدا لتحتضنها، ويمكن تشبيه صحافة الأزمات بالجسور الأكثر إلحاحا لتمتد وتعبر؛ والجسور هنا مغامرة محفزة عندما يلمع من خلالها قلم الكاتب الصحفي بالحقيقة ويخدم موضوعًا وطنيًا واجتماعيًا في سلاسل مثلى من الطرح الاستقصائي الزاخر والذي يكون على نحو دال كل الدلالة في لحظات زمنية حينما يعطي أوار الأزمات كل مسوغاتها؛ والضابط هنا أن يكون محور نقاش الكاتب الصحفي الذي يُطرح خلال الأزمات متجها للمستقبل، وأن يكون استدلاله ممكنا وقويًّا وفاحصا، وأن تكون النقطة المحورية التي يريد الكاتب أن يُحدثُ فيها تغييرا حقيقيا في الرأي الآخر أعمق استيعابا، وتشرق من خلالها المعلومات القديمة عن موضوع الأزمة اتكاء على عملية تحويل استعاري، أو غرس بعض المعاني الرمزية الممكّنة من الوصول إلى الحقيقة..
وأعود هنا إلى صحافة الأزمة القطرية تلك الأزمة التي «طارت شعاعا من الأبطال» في بلادنا حيث الحكمة وفصل الخطاب، والقوة الضاربة في الحكم والاحتكام وقيادة السياسة الخارجية قيادة محمودة حميدة، وحيث شرعية المطالَب والقرارات التي تنشد الاستقرار والأمن والسلام في بلادنا العملاقة وخليجنا الأشم وفي العالم أجمع، ولكن صحافة الأزمات هناك في دولة «قطر» انكفأت على ذاتها فهي تتردد بين طرح موهم أقرب إلى اختلاق الأساطير تنزّ به زواياها، وبين افتخار بواقع مرير لا يخفى على ذي لبّ!! فأصبح وسم صحافة الأزمة هناك التواتر والنمطية والتوتر الممتد الذي يحمل إشارات تؤصل الاتهام، وتؤكد حقيقة الضلوع في شحن خلايا الإرهاب وتمهيد ممراته وصناعة خنادقه وتمويل بؤره ونشره.
حفظ الله بلادنا وقيادتنا الرشيدة.