حمّاد السالمي
* وحتى هذه المزبلة التاريخية التي استقبلت قبل اليوم؛ مئات وآلاف المجرمين القتلة من شذاذ العالم ومصاصي الدماء. هي في الحقيقة كثيرة على قاتل سفاح مثل (البغدادي) وزمرته الفاجرة، وعلى الهالك من قبله (ابن لادن)، وعلى كل من تاجر، بالدين واستخدمه لقتل البشر، ومن يستلب حقوق الناس في الحياة، وينتهك أعراضهم وأموالهم. إن قائمة هلاك الطغاة ورميهم في هذه المزبلة سيئة الذكر؛ لن تتوقف. هناك آلاف وآلاف من الكذابين الذين تاجروا ويتاجرون بالدين الإسلامي الحنيف، وروّجوا لفكرة الحور العين لمن يقتل ويُكفّر ويُفجّر ويُدمّر، يصطفون في انتظار النهاية الحتمية التي أتت على الهالك (ابن لادن) من قبل، وتأتي تباعًا على خلفه من الإرهابيين في القاعدة والنصرة وداعش، ومليشيات القتل والتدمير، التي تنشر الخراب على خارطة الوطن العربي؛ تحت راية جهاد (الإخوان المجرمين).
* حُقّ لكل مسلم نظيف، وعربي شريف؛ أن يفرح لنصرة الحق على الباطل، وهزيمة الإرهاب الذي تقوده داعش في الموصل وأرض الشام. من لم يفرح لهذا النصر المبين، فهو من أولئك الذين يرون في إرهاب داعش والنصرة في العراق والشام جهادًا..! ويدعون للقتلة تحت لوائه ليل نهار، ولا بأس أن يضيفوا إليهم المجاهدين في اليمن والسودان..! وهذه الأخيرة؛ تتردد من بعض المنابر مؤخرًا مع كل أسف..! هذا أمر يجعل اللبيب في هذا الزمان حيران..! فمن هم المجاهدون في اليمن والسودان الذين يُقرن الدعاء لهم مع المجاهدين - زعموا - في العراق والشام..؟ الذين هم عناصر داعش والنصرة ولا أحد غيرهم..؟! هل يومئ هذا الخطاب التوحشي القميء؛ إلى فرار وتحول الدواعش من العراق والشام، إلى بلدان جديدة..؟ منها اليمن والسودان مثلًا..؟ ألا ما أقبح الجهل، وما أخسر الاتجار بالدين في هذا الزمان.
* أفظع وأبشع ما يمكن للمرء أن يراه هذه اليوم؛ مناظر الناس (الغلابا)، الذين كان الإرهابيون الدواعش يحتجزونهم في الموصل، وفي بقية المدن المحيطة بها. ضحايا بعشرات الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ؛ تكسوهم غبرة قترة، يهربون إلى الجانب الآخر بعد هزيمة الإرهابيين، ليس منهم أحد إلا وهو مصاب في جسده وفي نفسه وفي كرامته التي أهدرت على أيدي قتلة مغتصبين مجرمين، كانوا يسومون الكل ألوان العذاب باسم الدين الذي هو بريء منهم ومن توحشهم الذي لم تشهد البشرية نظيرًا له.
* شيء مؤسف؛ أن هذه المناظر المقززة التي تمس حقوق الإنسان المكفولة في ديننا الحنيف قبل أي تشريع بشري؛ وتعرضها شاشات التلفزات كل يوم وكل ساعة.. مؤسف غاية الأسف؛ أنها لم تحرك حتى الآن ولا شعرة واحدة من مدعي حماية الدين ومناصرة أهله..! لم نقرأ ولم نسمع لواحد من أصحاب الحناجر المبرمجة على الدعاء للجهاديين المزيفين في صفوف المنظمات الإرهابية عبر القارات ومنها داعش؛ استنكارًا لمنكر، أو تعاطفًا مع ضحية..! مجرد تعاطف فقط؛ مع عشرات آلاف الضحايا من هؤلاء النسوة والأطفال والشيوخ، وهم من المسلمين، ومن أهل السنّة في الموصل..؟! متى تستيقظ الضمائر الميتة يا ترى..؟ متى يدرك هؤلاء القوم؛ أن ما يروّجون له من جهاد مزيف تقوده منظمات إرهابية مجرمة، برايات سود داعشية وإخوانجية وقاعدية وخلافها، هو دعاية سامجة، ولعبة مكشوفة، والشيء الوحيد الذي يعنيه، هو كشف انتماء تجار الدين في أكثر من بلد عربي لهذه المنظمة الإرهابية أو تلك، ولهذا ها هم.. يتابعون هزيمة دولتهم الخرافية في العراق والشام بصمت رهيب، ويرون بأم أعينهم، حجم المأساة التي تسبب فيها الدواعش على عشرات آلاف الناس العزل، دون أن يرف لأحدهم رمش، أو تنبس له شفة باستنكار ما يرى، والتنكير على الساديين، الذين ظلوا يحتجزون النساء والأطفال والشيوخ رهائن ودروعًا بشرية ثلاث سنوات، مغتصبين نساءهم، ومشردين أطفالهم، ومهينين رجالهم..! ماذا لو أن هؤلاء الخرس الساكتين عن الحق، هم محل هؤلاء الضحايا يا ترى..؟!
* حالة الصمت هذه التي تسود أوساط المنبريين اليوم حيال ما تعرض له أهالي الموصل؛ تشي بأمر خطير للغاية، لا بد أن نتنبه له جيدًا. الدواعش ودولتهم الخرافية ذهبت إلى الجحيم، ولكن؛ هل تنتهي معها الفكرة الداعشية نفسها التي قامت عليها. أعني فكرة التكفير والخروج على الحكام والمجتمعات، والتي تبنتها جماعة الإخوان المجرمين منذ تسعة عقود، ونهض بها (الصحاينة) بغال الإخوان، ثم نتج عنها منظمة القاعدة الإرهابية، فداعش والنصرة وبوكو حرام.. وما قد يظهر بعد ذلك من (يافطات) لمشاريع إرهابية جديدة باسم الجهاد المزعوم، والدين الحنيف المفترى عليه..؟
* إن حفلة الفرح بنهاية (دولة الخرافة الإسلامية)؛ يجب أن لا تنسينا خطر فكرة الخرافة نفسها، ولا تلهينا عن الشروع في ملاحقة التكفيريين، ومحاصرة المفجرين، ووقف المتاجرين بالدين، والمتلاعبين بعواطف الناس، واستغلال مشاعرهم الدينية، بهدف نشر الفتن، وترسيخ فكرة الخروج والتمرد على الحكام والمجتمعات العربية والإسلامية.
* شاهدنا عشرات آلاف الضحايا من أهل الموصل الذين خرجوا من جحيم داعش وهم في أسوأ حالاتهم، وهناك - كما يقال - سبعون ألف عنصر داعشي في الموصل..! أين هم..؟! كنا نتمنى أن نراهم بالمقابل؛ تتدحرج رؤوسهم تحت أقدام الجند، ويحشرون مكبلين بالسلاسل إلى الحساب والاقتصاص منهم جراء إرهابهم وجرائمهم.
* لن تموت (الفكرة الداعشية) بيننا؛ إذا تمكن دواعش الموصل والرقة من الفرار بجرمهم، وإذا ظل شيوخهم ومدعشيهم؛ ساكتين على جرمهم، بل.. وداعين لهم بالنصرة من فوق منابرهم.