اهتمت الدولة السعودية منذ توحيدها على يد صقر الجزيرة ورجاله الأشاوس – عليهم سحائب الرحمة والمغفرة – عام (1351هـ) بعد أن كانت الجزيرة العربية تعيش فوضى عارمة والقتل والقتيل حتى في الممارسات الدينية التي لم تكن طبقًا للكتاب والسنة النبوية، هناك خزعبلات وطقوس يعتبرونها سكان هذه الجزيرة أنها تتجه نحو العبادة الصالحة وهي بعيدة عن الدين الإسلامي الصحيح، فبعد توحيد هذا الكيان المعطاء دبت الحياة المعيشية الصحيحة الدينية والتعليمية والصحية والاجتماعية، فأصبح المواطن يجد كل رعاية واهتمام منذ ولادته حتى مماته وطبقت شريعة الله في كل مناهج الحياة وأهمها الأمن الجنائي فمن يخرج على المجتمع بسلوك مضاد له يزعزع الأمن والاستقرار بين أفراد المجتمع سوف يطبق بحقه ما تقتضيه الأحكام الشرعية والقضاء، وقد تكون هذه التدابير (الشرعية) بالتحفظ على الشخص (بالسجن لمدة قد تطول وقد تقصر حسب الجرم الذي ارتكبه (الفرد) وحدده القضاء الشرعي فمنذ دخول الفرد التوقيف السجن تقدم له الرعاية الاجتماعية الكاملة من تأهيل اجتماعي ومهني وتعليمي وصحي وترفيهي... إلخ.
ومن هذا الاهتمام والرعاية تطبيق (العفو الملكي الكريم) وخاصة في شهر رمضان المبارك وإلا فهو يستمر طوال السنة، حيث يطبق على بعض الفئات والجرائم بموجب ضوابط وأنظمة وتعليمات حددت من ينطبق عليه هذا العفو وغالبًا ما يشمل أكثر الموقوفين حيث تحرص الدولة على إطلاق سراح أكبر عدد ممكن ممن ينطبق عليهم هذا العفو في جميع الإصلاحيات والسجون في المملكة (حتى الأحداث الصغار) المودعين (في دور الملاحظة الاجتماعية) وهذا دليل على أن قيادة هذا البلد ممثلة في قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز متعه الله بالصحة والعافية وسمو ولي عهده الأمين حريصون على بذل الأسباب والمعطيات التي تجعل (الموقوفين) في الإصلاحيات أن يكون هذا العفو دافعا لهم بالاستقامة والصلاح وأن يكون هذا بادرة لهم بألا يعودوا إلى مثل ما ارتكبوه من سلوك مضاد للدولة وأفراد المجتمع. وأنا هنا بحكم خبرتي الشخصية والمهنية والميدانية أدعو مسؤولي السجون على مختلف مستوياتهم الوظيفية عسكرية كانت أو مدنية من الفنيين من الباحثين الاجتماعيين والنفسيين ألا يهملوا من تم إطلاق سراحه (بتطبيق برنامج الرعاية اللاحقة)؛ لأنها قد تكون هي الأهم في هذا البرنامج خوفًا من انتكاس حالات بعض من شملهم هذا العفو.
والله من وراء القصد.