د. أحمد الفراج
كما توقّعت، وتوقّع كثيرون، قرَّر مَن يحكم قطر أن يستمر في المكابرة، وهو سلوك يتماشى مع السياسات القطرية المتناقضة والمتخبطة، منذ أكثر من عقدين من الزمن، ولم يكن طلب المهلة الإضافية إلا استكمالاً للعبة كسب الوقت، وقد كان مستفزاً أن يستهين حكام قطر بوساطة سمو أمير الكويت، فبعد أن نعته بعض المغرِّدين المحسوبين على نظام قطر في كلام وقح بالحمام الزاجل قبل أسبوع، استقصد وزير خارجية قطر أن يصرِّح برفض دولته لمطالب دول المقاطعة، قبل حتى أن يصل المبعوث الكويتي! وكل ما يجري هو استمرار لسياسة البكائيات الكربلائية منذ أن تم اتخاذ قرار المقاطعة، فبدلاً من أن تتعامل قطر مع الأمر كما هو، أي سياساتها العدائية ودعمها للإرهاب، ما زالت تحاول أن تلعب لعبة إعلامية مستهلكة، عمادها الإعلام الرخيص، والإعلاميين المدفوعي الثمن، خصوصاً في العواصم الغربية.
يبدو أن حكام قطر استمرؤوا لعب دور الكبار، وهو دور مزيّف، فالكبير لا يثير القلاقل، ولا يدعم تنظيمات الإرهاب ورموزه، ولا يكون صوتاً لشذاذ الآفاق، والمطرودين من بلدانهم، والكبير يتعامل مع الآخرين بحصافة ورصانة وموضوعية، لا بطرق استفزازية وعدائية، والكبير لا يستعدي الشعوب الصديقة على حكامها، ولئن استطاعت قطر أن تلعب هذا الدور المزيَّف طويلاً، بسبب حلم جيرانها، فلن تستطيع القيام بهذا الدور على الدوام، فهي قد فهمت أن حلم المملكة وحلفائها كان ضعفاً، وأن صمتهم كان جهلاً، ولم يدر بخلد حكامها أن حرص المملكة على وحدة الخليج، وعلى مصالح دوله، وقطر من ضمنها، كان السبب الرئيس لتأجيل قرارها في فرض العقوبات، التي تأخرت كثيراً، ولكنها كانت ضرورية، بعد أن تجاوز حكام قطر كل الحدود.
يعتقد حكام قطر أن بإمكانهم خداع العالم، والضحك على الجميع، وذلك عن طريق ترويج الزعم بأن قناة الجزيرة هي منبر لحرية التعبير، ويتناسون أهم البدهيات، وهي أن حرية التعبير شيء، ونشر الفتن شيء آخر، فنشر خطب رموز الإرهاب، والترويج لأدبياته، لا علاقة له بحرية التعبير، إذ حتى في الدول الغربية يعتبر مثل هذا حث على الكراهية، ويدخل في باب التعدي على مقتضيات الأمن القومي للدول، ولكن من يشرح هذه البدهيات لحكام قطر، الذين ما زالوا يصرون على التصعيد، والمزيد منه، والمتضرر الأكبر من ذلك هي قطر، إذ إن عامل الوقت في صالح دول المقاطعة، وليس في صالحها على الإطلاق!