محمد عبد الرزاق القشعمي
تكرَّم الأخ إبراهيم الربيعة بزيارتي بالمستشفى قبل شهرين وأهداني روايته (سعودي - مونتانا) وهي قصته الحقيقية التي سبق أن حدثني هاتفياً قبل سنتين عن بعض جوانبها، وهي قصة نزاع حضانة أولاد من أب سعودي وأم أمريكية.
وقدم للعمل بقوله: «هذه الرواية لا تتحدث عن نزاع بين ثقافتين ثقافة الشعب الأمريكي وثقافة الشعب السعودي، إنما هي إفصاح عن مشاعر الحب، والتفاهم، واحترام لمرونة ثقافتهم، وانتصار للعدالة.. ».
وأهداه لأولاده ريمة وياسمين وعبدالعزيز «شموع ليلي، ولذكرى والدتي الحبيبة لطيفة».
أتيحت له فرصة الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية عندما التحق طالباً في القوات البحرية بالمملكة، وشاء له الله أن يرتبط بفتاة أمريكية تدعى جينفر لتصبح أماً لأطفاله.. وهكذا عاد للمملكة ولم يكتب لهم الانسجام وحاولت الأم بشتى الطرق العودة بأولادها رافضة العيش مع والدهم، ولجأت للشرطة وللقنصلية الأمريكية مدعية بإهانتها. وحاولت بالطرق الرسمية أن تنصفها ولكنها كانت تختلق المشاكل وتفتعل المواقف التي سريعاً ما يكتشف زيفها لدى المسؤولين في المملكة والقنصلية الأمريكية.
وكانت حرب الخليج الثانية ودخول القوات الأمريكية للمملكة ولجوؤها إلى أحدهم وحكت له القصة أو الأكذوبة وهي تبكي فتعاطف معها وقرَّر تهريبها مع أولادها بإحدى المدرعات الأمريكية من الخبر إلى البحرين فوضعهم في كراتين مع مستلزمات أخرى وهكذا نجح في إيصالهم للسفارة الأمريكية بالمنامة.
تمت إجراءات ترحيلهم إلى أمريكا دون علم والدهم. فتبعهم إلى هناك مستعيناً بالإجراءات الرسمية وبعد أن اتصل بالسفارة السعودية وكسب تعاطفهم زوّدوه بما يحتاجه من معلومات عن الوضع الاجتماعي والتنموي وصور للمملكة مع توفر الخدمات الصحية والعلمية وغيرها. مع توخي الحذر في اختيار المحامي القادر على تطبيق النظام دون انحياز لبني جلدته.. وهكذا وفق بالاتصال بالمحامية الآنسة سموير ومساعدها توم وينسور.. وكانت القضية التي يطالب بها ضم أطفاله من زوجته الأمريكية إلى رعايته.. فاتفقت معه المحامية على كيفية التصرف بالمحكمة عندما يجابه بالأسئلة المفاجئة أو الاستفزازية وألا يعض على شفته ولا يفرقع أصابعه حين يجيب على سؤال ما وألا يتلعثم في الإجابات ويقتصر على المعلومات المطلوبة، وألا يتحرك كثيراً في مقعده.. وألا يبلع لعابه عندما يطرح عليه سؤال غير متوقع.. وألا يقاطع زوجته المطلقة في حديثها مع القاضي..
هي قصة طويلة ومعاناة تتكرر مع الكثير من أبنائنا في الغربة ولا يحسب حسابها إلا بعد أن يقع الفاس بالراس على مدى 337 صفحة وأنا مستمتع بمجريات الأحداث ومشفق على إبراهيم في مغامراته وتعرضه للتصفية وهو يلاحق زوجته التي تهرب أولاده إلى جهات بعيدة ومجهولة وبين عصابات وأماكن تهريب ومساكن عشوائية غير مكتملة الخدمات مخصصة لإقامة الهنود الحمر بين أمريكا وكندا.
ولولا جهود المحامية (سموير) وصدقها واحترامها لمهنتها لما تحقق له هذا النصر.. «... لقد كان قراراً محكمة المنطقة القضائية الخامسة بولاية مونتانا، مقاطعة جيفر سون نافذاً، إذ قضى بموجبه منحه حق حضانة أطفاله الثلاثة ربما هذه أول واقعة قضائية تسجل من نوعها في تاريخ القضاء الأمريكي.
هذه الرواية جديرة بالقراءة.. وأهم من ذلك لو تتكرم وزارة التعليم بإعادة طباعتها وتوزيعها على الطلاب المبتعثين لتكون لهم عبرة حتى لا يقعو1 في مثل هذه المحاذير.. لقد وقع بها الكثير من قبل ولكن لنتدارك الأمر ونعمل على عدم تكراره.. وهذا من باب النصيحة والتوجيه.. فهي درس عملي واقعي.. وليت المؤسسات الإعلامية تحول هذا العمل إلى فيلم وثائقي ليستفيد منه الشباب قبل أن يقدموا إلى عمل يندمون عليه فيما بعد.. فأنا أعرف أشخاصاً وقعوا بمثل هذا العمل وحصل انفصال بين الزوجين وافترقوا مع وجود أولاد أصبحوا ضحية.. ولا يعرف الكثير من ذويهم مصيرهم..