محمد جبر الحربي
هلَّا رأيتَ الأحرفَ الزرقاءَ
تُوغِلُ في الرَّحِيلْ..؟
هلَّا رأيتَ الأمسَ يطوي يومَنَا،
يطوي خُطانَا؟
كلُّ شيءٍ للفَناءِ، فما ترانا
نستمدُّ مِنَ البقاءِ: سوى الرَّحِيلْ..!
أنا لا أخافُ مِنَ الرَّحيلِ
فقدْ تغرَّبتِ المراكبُ قبلَ هذا،
واستفاضَ القلبُ مِنْ وقعِ البحارِ
وأوْغلتْ فيهِ الرِّياحُ معَ الأصِيلْ.
أنا لا أخافُ وإنَّما
أبكيكَ يا وطناً يسافرُ كلَّ يومٍ في دمِي،
يطوي المراحلَ
يحتمِي في أضلعِي.
ويُطِلُّ مِنْ عينيَّ
يرنو لاختراقِ المستحِيلْ.
أنا لا أُجيدُ سوى الكتابةِ،
والكتابةُ كلُّ عمْري
فاحتفظْ بالعمرِ،
بعثِرْ هذه الأوراقَ في قممِ الجنوبِ،
وفي السَّواحلِ،
واعتصِرْ منها مياهاً
واسْقِ منْها هذهِ الصحراءَ
توجِعُني خُطاها
بعثِرِ الأوراقَ.. بعثِرْ،
أعطِني شرفَ الخلودِ
ومُدَّ لِي جِسْراً إلى وعْدٍ جمِيلْ