حكى أن وزيرا لاحد السلاطين نقم على احد الولاة ،لا لشيء الا لان الاخير كان مخلصا صادقا امينا فى عمله ،كان لهذ الوزير بقايا جيوب ونهايات طرفية فى تلك الولاية ،يسهلون حاجاته ويقضون لوازمه ،وشاءت الاقدار ان يكتشف هذا الوالي فساد هؤلاء الاتباع، هذا ما دعاه إلى رفع أمرهم الى السلطان موصيا بنفيهم خارج الولاية، استجاب السلطان لواليه وتم تنفيذ الاحكام .
غضب وزير السلطان غضبة مضرية ،وراح يبحث عن وسيلة لاقصاء هذا الوالي ونفيه بعيدا عن مراكز القرار وصنعه، وبالتحريض ثار بعض العامة على هذا الوالي من جديد، والتهمة كالعادة لا نريده، لا نحبه ،نبغضه يا جماعه !،وكعادته الدؤوبة كان الوزير فى الموعد!، فأوصى بتشكيل فريق تقص للحقائق مهمته البحث عن مثالب هذا الوالي ،والكيد له ومتابعة اخطائه وتكبيرها.
ولان هذا الوزير ممن يؤمن بالديموقراطية شكلا دون المضمون فقد راح يطالب بعمل استفتاء شعبوي لمعرفة مدى رضى الجماهير عن هذا الوالي شخص الفريق الى الولاية، وراح يستجوب المتردية والنطيحة وما أكل الدهر عن سلوك هذا الوالي وتجاوزاته،كانت الاجابات معلبة وجاهزة ،حضرت الادعاءات والتهم بطريقة مفبركة وغبية ايضا ،كقصص الحكواتيين على المقاهي يحضر المتن ويغيب السند او ينقطع ،ومع ذلك اخذت هذه الامور على الوالي المسكين وجرد من حق الدفاع عن نفسه وموقفه .
جمعت الاتهامات استعدادا لمواجهة الوالي بها فى قاعة المحكمه .
فى المحكمة وعلى غير العادة كان الادعاء يمثله ستة اشخاص وكان المتهم واحدا !
المدعون يمطرون الوالي باسئلتهم ،ادوار منسقة ،واسئلة معلبه ،الاجتزاء حاضر واسلوب ولا تقربو الصلاة موجود ومفعل ،والوالي المسكين مذهول من هؤلاء وعدوانيتهم المقيتة.
الحكم سبق أن طبخ فى الغرف المظلمة، واقصاء الوالي كان نتيجة حتمية لكل حراكاتهم العدوانية والظالمة،لكن سيف الدولة كان له رأي آخر، قرأ المشهد، وأعاد تقييمه وانحاز الى الحق مراعاة لضميره وقبلها عقله الذي كان يظن الآخرون انهم قادرون على اعتقاله وأسره بحركات تمثيلية فجة تثبت تواطؤهم مع الوزير وامتثالهم لنهجه العدواني فى الظلم والبغي والاقصاء .
نستفيد من هذه القصة المؤلمة ان الظلم وان كثرت ابواقه وادواته ،فان الله يسخر له مؤمنا شجاعا يقذفه بالحق فيدمغه فاذا هو زاهق ،واما الظلمة فيكفيهم جزاء ما توعدهم الله به عند قوله :- ولكم الويل مما تصفون .
- علي المطوع