في حكاية الأبدية فلسفة تبدو غريبة الأطوار، لكنها مبعثرة بين رسوخ الفعل المبني على الفكرة الناشئة عن موقف أو حدث، وذلك بحسب قراءات واستنتاجات فرويد، وما بين استقصاء الفرد خلف الزمن في رحلة بلا خارطة واضحة، ولا هدف مقصود، مما يجعل ترتيب المبعثر هدفاً لكل مهتم بحكاية الأبدية تلك. ولكي يتحقق ذلك لا بد من الإجابة على ما لا جواب له، وطرح هذا التساؤل: هل الزمان أبدي بالمعنى الحرفي لكلمة أبدي؟! أي هل يستمر هذا الزمن في الدوران ويكون موجوداً ويحدث بالفعل ويؤرّخ وجوده بأي طريقة كانت حتى بعد انتهاء الحياة؟ أم أن وجود الزمن مبني على وجود الكائنات الحيَّة في هذه الحياة، ويلزم من انتهاء حيواتهم انتهاء الزمن؟! فإذا كانت الإجابات بلا فإن هذا يستلزم استمرار الطواف في دائرة البحث لنفهم حكاية الأبدية الزمنية الدنيوية التي لا تتم قبل أن نجيب عمَّا سبق، وإذا كانت الإجابة بنعم، فإن هذا يقودنا إلى سؤال بحثي جديد هو:
هل يمكن أن يكون الزمان هو الأبدية؟! وربما يعفي من إجابة هذا السؤال الإجابة على سؤال آخر عن طبيعة الزمان، هل هو مادي أم معنوي؟!
إن هذا الزمن المتكرر قد أصبح مؤخراً يثير الاهتمام بغرابته، بالأسئلة التي يرميها على طرقات التائهين، ويضرب بها وجدان الحزانى، ويخيم بها خلالها على عقول المفكرين. إنه يعيد تكوين نفسه ألف مرة في اللحظة بطريقة تخلط الجديد بالمتشابه بغموض شديد مما يثير رغبة المتفكر، ويبني الأسئلة البحثية التي تصنع الثورات العلمية. فلم يعد أحد قادر على تمييزه ما إذا كان متحركاً أو ثابتاً، ولم يستطع أحد أن يحدد هل يتصف بالديمومة والاستقرار والثبات أم بالتغير والتبدل والحركة الدؤوبة.
فربما أيضاً كانت الأبدية حالة منفصلة أخرى تحتاج لتفصيل وتفكر في جانب بعيد عن الزمن، وربما ما كان بينهما من الخلط والامتزاج ليس إلا صناعة فكرية إنسانية واهنة، بدأت تتفكك خيوطها المتشابكة بفكرة ناشئة من العلم الجديد والقراءات المتوثبة!
- عادل الدوسري