خالد بن فيحان الزعتر
المتابع لتصريحات وزير الخارجية القطري منذ بدء الأزمة القطرية مع الرباعي العربي (المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، يلاحظ من السهولة بمكان وجود تناقضات واضحة في تصريحات الوزير القطري والتي تتأرجح هذه التصريحات بين التصعيد تارة ومحاولة التهدئة تارة أخرى، وبين إظهار قوة قطر الاقتصادية تارة وبين اللعب على وتر المظلومية من خلال الالتفاف على المفاهيم، من خلال السعي لتصوير أن ما تواجهه قطر من مقاطعة والتي تُعَد حقا سياديا للدول المقاطعة، إلى وصف هذه المقاطعة بالحصار.
هذه التناقضات التي تبدو واضحة في تصريحات وزير الخارجية القطري، لا يمكن النظر لها إلا أنها تعكس بما لا يدع مجالا للشك، وجود نزاع بين الأطراف الداخلية على القرار السياسي القطري، ما يعني ذلك أنّ الأزمة التي تعيشها قطر مع جيرانها الخليجيين والعرب، كشفت أن مركز صناعة القرار القطري، تتم إدارته من قِبل معسكرين، أحدهما يفضل التهدئة بعض الشيء والآخر يذهب بالقرار السياسي القطري نحو التصعيد، وهذا ما بدا واضحاً منذ تصريحات الأمير تميم التي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، والتي كان من نتائجها أنها أعادت الأزمة مع قطر إلى الواجهة، والتي سعت الدوحة للتراجع عنها تحت ذريعة ما تسميه باختراق موقع وكالة الأنباء القطرية.
عودة حمد بن جاسم والذي يُعَد فعلياً رأس هرم السلطة في عهد حمد بن خليفة، كما يُعَد مهندس مؤامرات الدوحة على جيرانها الخليجيين والعرب، بعد القرار الذي أقدمت عليه الدول الأربع بعزل قطر وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، لا يمكن النظر لهذه العودة للواجهة السياسية لحمد بن جاسم وتصريحاته للقنوات الأجنبية التي تناولت الأزمة، والتي بدا فيها حمد بن جاسم وكأنه يمسك بدفة صناعة القرار، تؤكد أن العهد القديم بقيادة الأمير حمد بن خليفة لم يتنح كما بدا ذلك واضحاً، وإنما يعد قريباً من مركز صناعة القرار السياسي، وهذا الظهور لحمد بن جاسم يؤكد بأنه تمت تنحية الأمير تميم من التعامل مع هذه الأزمة، ليتولى العهد القديم إدارة الأزمة التي تعيشها قطر مع الدول الخليجية والعربية،
ربما ما يؤكد ذلك أن الملاحظ منذ بدء الأزمة التي تعيشها قطر، لا يوجد هناك وجود للأمير تميم على الساحة السياسية، وأيضا عزوف الأمير تميم عن الزيارات الخارجية بالرغم من الدعوات التي وجهت له من قبل الدول الغربية، وأيضا لعل قطع بث خطاب الأمير تميم من على قناة الجزيرة، الذي لم يستغرق سوى ثوان معدودة في أول أيام العزلة التي تعيشها قطر، يؤكد بأن الأمير تميم تم إقصاؤه تماما من التعامل مع هذه الأزمة، واكتفى فقط بالظهور الشكلي في نشرات الأخبار متلقياً اتصالات من رؤساء الدول، وتارة يتجول في الشوارع لكي يلتقط بعض الصور مع القليل من المواطنين، التي يبدو من الواضح أن الهدف منها في هذا التوقيت هو إظهار أن الأمير تميم لايزال حاكماً فعلياً للبلاد، ولكي يحافظ على شرعيته الشعبية.
المتابع لتطورات الأزمة القطرية وبخاصة على المستوى الدولي، يجد أن العهد القديم والذي عاد للواجهة بشكل مباشر مع بدء الأزمة فشل فشلاً ذريعاً في أن يدفع بقطر لتتخطى هذه الأزمة وتكسب التأييد الدولي، فعند النظر للمواقف الدولية وبخاصة من قبل الدول الغربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي جاءت مواقف هذه الدول متطابقة إلى حد كبير مع مواقف الرباعي العربي، والتي سعت إلى مطالبة الدوحة بوقف دعمها للجماعات والتنظيمات الإرهابية، نجد أن هذه المواقف من قبل بعض الدول الغربية تأتي لتؤكد إلى أي مدى فشلت الدبلوماسية القطرية بعد الكثير من الزيارات المتكررة لوزير الخارجية القطري، والتي كان الهدف منها حشد التأييد الدولي لبلاده التي تعيش في عزلة مرشحة للاتساع.