ياسر صالح البهيجان
إن تعدد العرقيات والقوميات في أي دولة يمثل تهديدا لكيانها ما دامت تحكمها أقليّة لا تراعي مصالح أطياف المجتمع المتعددة، ولعل هذه الرؤية أكثر ما يجعل حكومة ولاية الفقيه في طهران على صفيح مجتمعي ساخن، وعلى أعتاب حراك داخلي يروم تجاوز حالة الظلم والاستبداد التي أدخلت الإيرانيين في نفق مظلم حافل بالجوع والفقر والتشرد.
ملالي طهران تُدرك أن موقفها الداخلي الهش، لذا اتجهت نحو زعزعة أمن دول الجوار كحيلة سياسية للحفاظ على استمراريتها في سدّة الحكم، واللعب بورقة شيطنة العرب لخلق نوع من الرعب لدى المواطن الإيراني ليظل متشبثًا بها، رغم أن تلك الورقة لا يمكنها الصمود طويلا، وهي مجرد مسكن مؤقت ستتفجر بعده الآلام، وسيصل الشعب الإيراني إلى مرحلة اللاعودة في مطالبته بتنحي تلك الحكومة التي سخرت خيراته لدعم الميليشيات الإرهابية في سوريا ولبنان والعراق واليمن.
ثمة قوميات أخرى غير الفارسية في إيران، ومنها الأكراد والبلوش والطاليون والكاسبيون، وتضم أعراقًا ينتسبون للعرب والتركمان والأرمن، وديانات متعددة غير إسلامية كالبهائيين والمندائيين والزرادشتيين واليارسانيين، وكل هذا التنوع لا يمكن حكمه عبر سياسة الولي الفقيه، إذ أن معظم أتباع تلك القوميات لا يدينون بالولاء للمرجعية الدينية الفارسية، ولا يقبلون أن تُدار بلادهم وفق رؤية طائفية ضيقة تجدف عكس مصالحهم الوطنية.
القمع العسكري لا يمكن له أن يقف أمام الغضب الشعبي، ولن يكون أمام ولاية الفقيه خيارًا آخر غير الرضوخ لمطالب الشعب الإيراني، ومن أبرزها التوقف المباشر عن الزج بأبنائهم في أتون معارك خاسرة، لا تنتج إلا المآتم ومجالس العزاء التي لا تكاد تنقطع، فضلا عن تجويعهم من أجل تمدد غير شرعي تنتهك فيه المواثيق الدولية والأعراف الإنسانية.
المرحلة المقبلة لن تكون كارثية على ولاية الفقيه فحسب، بل سيخسر أيضًا جميع حلفائهم في المنطقة سواءً أكانوا دولا أو جماعات ومنظمات متطرفة، حيث سيزول الصداع الذي أرق الشعوب العربية منذ 1979، وستجف منابع تمويل الإرهاب، وستسقط الأقنعة عمن كانوا عملاء للملالي داخل أوطانهم، عندها حتما ستعود سوريا مبتهجة، ولبنان مزدهرة، والعراق شامخًا، واليمن آمنا مطمئنا.