في عالم مُثقل بالمتاعب والمصاعب والمشاكل والهموم يحق لكل إنساناً منَّا أن يحظى بشيء من الترفه ينسيه صخب الحياة ومعاناتها ولو فترات محدودة حيث إن النوادر والشعر والطرائف تدخل البهجة والسرور والفرحة إلى القلوب وتطبع البسمة على الشفاه.. فالموهبة نعمة من نعم الله من وهبه الله الإرادة والعزيمة لكي تعينه على الوصول على ما يريد حيث إنها تُعدُّ الخطوة الأولى في طريق تحقيق آماله وطموحاته وأهدافه ومن وهبه الله إلقاء الشعر وجمع له بين نور البصيرة والإلهام فكان موفقاً في مسلكه مرموقاً في مجتمعه نجماً متألقاً يضيء الطريق ويهدي إلى الجادة.
يغرس فيهم القيم ويرفع عنهم الضرر ويقيم فيهم العدل والمساواة وبشتى قصائده المؤثرة ونصائحه المعبرة وتوجيهاته الهادفة.
فقد التقيت بشاعر بارع يدعى الأستاذ/ موسى سليمان من قطر عربي شقيق يقيم بين ربوع بلادنا منذ فترة طويلة.. حيث إنه يقرض الشعر منذ فترة ليست بالقصيرة وهو بارع في نظم القصائد الشعرية باللغة العربيَّة الفصحى لأنه يدرك تمام الإدراك - أن اللغة ترتبط بالثقافة ارتباطاً وثيقاً - فاللُّغة هي الوعاء اللامحدود، والبحر الزاخر العباب بالعناصر الثقافية المختلفة المكونة لثقافة المجتمع وحضارته. أي أن الأمة تدخر في لغتها معظم المخزون الثقافي، والمضمون الحضاري الذي يكون ويلون شخصيتها الخاصَّة ويميزها عن غيرها من الشعوب والأمم.
وهذا كله ما قاله مارك وردث (إن اللغة هي نمط اجتماعي وثقافي وحضاري خاص متميز يربط بين الناطقين بها ويشكل منهم مجموعة متميزة اجتماعيّاً وإنسانياً متلاحمة ومتماسكة، تورث أبناءها أسباب شخصيتها في نمطها الحضاري والثقافي والاجتماعي المدخر والكامن في لغتها فتصبح تؤمن بالمبادئ نفسها، وتكتسب التطلعات المستقبلية ذاتها.
على أوزان متعددة - أمثال حرف الميم وعلى وزن البحر البسيط - إن قصائده الشعرية تحمل بين طياتها وجنباتها ألواناً من فنون الشعر وتراث الرؤية الشعرية العربيَّة العريقة حيث إن الشعراء في دنيا الأدب لهم أقدار وحظوظ متفاوتة، فمنهم من يحيا ذكره في أذهان النَّاس لأن الأضواء الإعلامية سلطت عليه فنالت آثاره ونتائجه حظاً وافراً من العناية والاهتمام، وهذا ما نراه بالنسبة إلى الإعلاميين المشهورين على الساحة وكذلك الشعراء قديماً وحديثاً ومنهم من تودعه آثاره في زوايا النسيان فيجهله النَّاس وإن كان أديباً أو شاعراً أو إعلامياً وأحياناً لا يجد من يلتفت إلى نتائجه وعطائه إلا القلة القليلة من البشر التي تنفض عن بعض الآثار غبار الإهمال وتظهرها إلى عالم النور وقد رأيت من المفيد في هذا المقام أن القي نظرة عامَّة على قصائده من خلال ما يقوم بعرضها على مواقع التواصل الاجتماعي فهذه القصائد الشعرية تدل دلالة واضحة على مواهبه الشعرية العالية، حيث إنه يميل في قصائده إلى المدح والفكاهة إلى جانب قصائده الوطنية والاجتماعية التي تفيض بالإخلاص والحماسة وروحه الجميلة المخلصة التي تتجلى في كثير من قصائده التي تمتاز بأسلوبه الدافئ ولغته العذبة فهو يعشق الشعر فعشقه وأعطاه كل ما في وجدانه عبر قصائده.
فإن شعره يتميز بأنه واف بالغرض فالغرض منه أن يقوم بالإضاءة ليستنير به في هذه الحياة ففي شعره لمحات مضيئة تنم عن إنسان مرهف الإحساس يمتلك ناصية البيان الجميل فهذه كلمات عامَّة يوصفها شاعراً بارع ومغمور فيها بعض الإشارات السريعة عن مراحل حياته إلى جانب إبراز قصائده التي قالها منذ بداياته الشعرية.
فقصائده الشعرية لا تعني في مجملها بالإيقاع الذي يرفع صوت القصيدة عالياً إلى حد الضجيج بل يعتمد اعتماداً كلياً على الإيقاعات الهادئة البسيطة التي تساعد على التأملات المحضة فكل قصيدة لا تخلو من الرؤية المطروحة إلى جانب مكاشفة الواقع بمرئياته الفجائية الحادة.
لأن الشعر في مفهومه يبدو أنه معرض للصدق المعلن أحياناً ويتخطى أحياناً إشارة المرور الضوئية بشتَّى ألوانها الثلاث.
وهذا المفهوم جعل أدواته تتجاوز دائرة القيد الفني اللازم مما جعل القصيدة تؤدي الرسم الشعري بحرية مطلقة.
فإن القصائد النثرية أحيانا بجوانبها الفنية تدهش المرء المثقف تارة وتقلقه أحياناً ولكنها تخرج القارئ البسيط وتربكه وتدفعه إلى التنازل عن عالمها الغريب.
فالشاعر البارع تارة يدهش القارئ بشتى مستوياته فهو قادر على التحرك يميناً وشمالاً بطريقة سهلة وميسرة بين الجداول وبين المسطحات الخضراء إلى جانب أنه يدغدغ مشاعر البسطاء من البشر ومن خلال هذا الأمر يتضح جلياً أسلوب الشاعر بما يمتاز به من مفردات وعبارات جميلة تُمثّل ثقل إبداعياً متوهجاً تطرب القارئ الكريم. وتبقى هذه المقدَّمة القصيرة عن الشاعر/ موسى سليمان كمعلومة عن ملامح إبداعية في عطائه الشعري.
فإن رحلة شاعرنا المبدع لم تكن تخلو من المتاعب والمصاعب والمشاق فكثيراً ما قطع شاعرنا القفار والصحاري والبحار تأخذه بين مد وجزر.