أحمد بن عبدالرحمن الجبير
تعد بلادنا مركزا للعالم الإسلامي، ففيها الحرمان الشريفان، وفيها قبلة العالم الإسلامي، وفيها بدأت الدعوة والرسالة الإسلامية، ومن على أرضها الطاهرة انتشرت الدعوة إلى أصقاع الأرض، فهي أرض مباركة، وتمثل مرجعية للعالم الإسلامي، ولهذا فمعاهد التعليم الديني السمح، وأهل العقيدة الصحيحة، وأهل الدعوة هم من بلادنا أو مروا بها.
ولهذا فإن المملكة مكان للقياس الإسلامي في آداب التعاملات الإسلامية، وفي العلم والدين والمعرفة، ولهذا يعد المسجد مركزيا في حياة المسلم، لأنه مكان اجتماع، ولأنه مكان للسجود والركوع لله تعالى، ولأنه النظام الإسلامي الفريد الذي يقوم بمعاينة سلوك الإنسان المسلم يوميا خمس مرات، لا يدعه للشيطان، ويعينه على إصلاح سلوكه حتى لو داهمه انحراف.
فالعناية بمساجد الطرق هي عناية بالمسافر الذي يقطع الطرق، والمسافات الطويلة، والذي لا بد له من الارتياح قليلا في استراحات الطرق للصلاة، والتزود بالوقود، وتناول الطعام، وهذه كلها يمكن تسميتها سياحة، واقتصادات الطرق والمواصلات، وعليه فإن الاهتمام بها ينعش هذه التجارة التي لها حضورها في بلادنا ذات المساحة الواسعة، والتي تجعل الراحة، والطمأنينة واحدة من موجباتها.
لقد شاركت رمضان الماضي في حفل المؤسسة الخيرية للعناية بمساجد الطرق برعاية سمو الأمير سلطان بن سلمان الرئيس الفخري للمؤسسة، حيث كرم سموه الداعمين، ودعا رجال الأعمال والمواطنين لدعم المؤسسة، ومساندة أعمالها الخيرية وقال سموه إنه يفتخر بخدمة العناية بالمساجد كرئيس فخري للمؤسسة، مؤكدا رغبته بأن يكون شريكاً عاملاً وفعالاً في أعمال المؤسسة.
فالمؤسسة الخيرية للعناية بمساجد الطرق هي مؤسسة مرخصة من قبل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وتهدف إلى العناية بالمساجد، وإظهارها بالمظهر اللائق، وتقوم أعمالها على التبرعات من القطاع العام، والقطاع الخاص، ولدى المؤسسة مجلس إدارة، وبرامج مميزة مثل شريك التميز، ورخصة حفر البئر، وخادم المسجد، وبرنامج كفالة وتطوع، وبرنامج توطين وتوظيف الأسر السعودية برواتب مجزية يقومون على رعاية، وخدمة المسجد بقسميه الرجالي والنسائي.
والدولة - أعزها الله - لم تقصر بوضع ميزانيات للمساجد، فوزارة الشؤون الإسلامية تشرف مباشرةً على جميع مساجد المملكة، ومسؤوليتها خدمة بيوت الله، ورعاية الأوقاف لكن الرقابة والمحاسبة ضعيفة، وغير مقبولة، ولا يزال المواطنون في مختلف مناطق المملكة يعانون ويشتكون من سوء نظافة المساجد، وإهمال الصيانة الخاصة بالكهرباء والماء، والفرش المتهالك وانتشار الروائح الكريهة فيها.
لكن حال بعض مساجد الطرق لا يسر، فهي موحشة وبلا عناية، بينما بلدان إسلامية أقل حظاً منا فيها دور العبادة بمثابة دور فندقية من كثر الاهتمام بها، فمن المحزن ويحزّ في النفس الإهمال الشديد لبيوت الله من بعض من لا يقومون بواجباتهم من أعمال نحو المساجد خصوصاً عندما ترى دورات المياه متهالكة، وغير نظيفة وغير لائقة، والمياه غير دائمة، والسجاد قديم وتغطيه الأتربة.
وأتت مؤسسة العناية بمساجد الطرق لتعيد مكانة المساجد الرحبة، والعناية بها، وتطوير دورها في تحفيظ القرآن، ودعم الأنشطة الأخرى التي يمكن القيام بها حتى ترتقي جميع مساجدنا لتطلعات المواطنين، وهي تعمل على تعيين الإمام الصالح، والخطيب الواعي، والمؤذن الملتزم حتى تستعيد المساجد دورها الاجتماعي والاقتصادي، وأن يكون للمساجد دور تربوي وثقافي وإنساني في أنحاء بلادنا.
وقد تبنى سمو الأمير سلطان بن سلمان الرئيس الفخري لمؤسسة العناية بمساجد الطرق البرنامج الوطني للعناية بالمساجد، في إطار اهتمامه بكل ما له صلة بخدمة بيوت الله، وحل الكثير من التعقيدات التي تواجه مساجد الطرق، كما دعا للنظر في أهمية دور المسجد الروحي، والتربوي والثقافي والاجتماعي، حتى يكون المسجد مكاناً لائقاً ومريحاً، ومعبراً عن رسالته.
كما زودني المتحدث الرسمي للمؤسسة الأستاذ فهد الصالح مشكوراً، بالتقرير السنوي للمؤسسة الذي يشتمل على المساعدات المالية والمعنوية، والأعمال الخيرية، حيث تم البدء بتنفيذ ترميم للكثير من المساجد في مختلف مناطق المملكة، وأن لديهم أكثر من 90 ألف داعم من خلال التبرع برسائل الجوال رقم (5112) ويمثل الرقم (1) تبرعاً عن نفسك شهرياً، ورقم (11) عن والديك ورقم (5) للوقف الذي سيمول أعمال الصيانة والتشغيل.
ولازلنا نستبشر خيرا بوجود الرئيس الفخري سمو الأمير سلطان بن سلمان على رأس مؤسسة العناية بمساجد الطرق ليرسم لهم خارطة طريق تخدم المساجد، واستراتيجيات جديدة على أرض الواقع، حيث عُرف عن سمو الأمير سلطان تمتعه بخبرة عالية في الإدارة، والتخطيط والمتابعة مما يعطي بعدا خاصا نحو تعزيز، وتطوير المساجد، وتحقيق تطلعات الملك سلمان - حفظه الله - بالعناية بالمساجد.
لذا نأمل من ذوي الإحسان والمؤسرين، والساعين إلى الأعمال ا لخيرية من المواطنين، ورجال الأعمال دعم المؤسسة مالياً ومعنوياً، فالأمر يتطلب من الجميع مساندتهم ماليا، ومد يد العون لهم ليتمكنوا من الاستمرار في أداء رسالتهم النبيلة، ذات البعد الديني والإنساني، والواجب الوطني المشرف، لدعم خدمات المؤسسة لتضطلع بمسؤوليتها الإنسانية الجليلة، لخدمة جميع مساجد المملكة.