د.علي القرني
لم يعلم جاك دورسي الذي وُلد في سانت لويس بولاية ميزوري في 19 نوفمبر 1976م أنه سيصبح من أشهر المشاهير، وأن ثروته ستصل في عام 2017 إلى نحو مليارَيْ دولار. لم يعلم دورسي أن إبداعه في اختراع شبكة تواصل عالمية سيوصله إلى قمة المجد. وهذا ما وجده هو شخصيًّا، وهذا ما وجدناه نحن في تويتر، الأداة التي اخترعها جاك دورسي.
ولم يكن اختراع دورسي استثنائيًّا؛ فهو فقط حوَّل فكرة الرسائل القصيرة التي كانت - وما زالت - الجوالات تعرضها على المشتركين sms إلى الإنترنت، وهذا ما فعله بالضبط، وأضاف عليها فقط تحديد عدد حروف تلك الرسائل القصيرة. ولم يعلم دورسي أن مشاهير العالم سيكونون تحت مظلة هذا الاختراع الكبير؛ فقد أشارت الإحصائيات إلى أن شخصية شهيرة مثل katty perry كاتي بيري المغنية الأمريكية سيصل عدد متابعيها في تويتر إلى أكثر من 100 مليون متابع حول العالم، ويلاحقها في هذه الإحصائيات جستون بيبر بأكثر من 97 مليون متابع، ثم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بأكثر من 91 مليون متابع. ويتوالى المشاهير، وأكثرهم في الفن والرياضة والسياسة، إلى أن وصل الرئيس الحالي دونالد ترامب إلى نحو 34 مليون متابع حول العالم.
وقد تحولت تويتر إلى أداة جديدة في الدبلوماسية، لم تكن مشهودة من قبل في عهد الرئيس الأمريكي الحالي ترامب؛ إذ استبدل تقريبًا الأهمية التي كانت للمؤتمرات الصحفية للمتحدث باسم البيت الأبيض بتغريداته في تويتر؛ فهي أسرع بكثير من وصول نتائج المؤتمرات الصحفية، كما أنها تصل إلى وسائل الإعلام من ناحية، وإلى الجماهير كافة من ناحية أخرى حول العالم. وتأثيرها أكبر في خدمة الرسالة التي يود دونالد ترامب إيصالها إلى الجمهور العالمي.
إن قنوات الدبلوماسية تعددت خلال العقود الماضية، وتظل القناة التقليدية هي الرسائل والزيارات السياسية من مسؤولي الدول، أو توصيل رسائل شفهية من سفراء الدول لوزراء الخارجية أو ملوك ورؤساء الدول، ثم أصبحت هناك قناة الاتصال الهاتفي؛ إذ يعمد بعض ملوك ورؤساء الدول إلى إجراء اتصالات هاتفية لشرح موضوع أو توصيل رسالة. ومع تقدم وسائل الإعلام أصبحت المؤتمرات التلفزيونية والإذاعية للشخصيات السياسية في أي موضوع من الموضوعات أو حدث من الأحداث هي القناة الدبلوماسية الجديدة. وكان المؤتمر الصحفي اليومي للمتحدث باسم البيت الأبيض هو عادة الحدث الأبرز في العالم، يليه المؤتمر الصحفي للناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون أو وزارة الخارجية الأمريكية.. هذه المواعيد كانت ثابتة لوسائل الإعلام العالمية. وكانت هي مصادر معلومات عن الأحداث العالمية.
أما اليوم، وفي عهد الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، فقد أضاف بُعدًا جديدًا لقنوات الدبلوماسية بين الدول؛ فقد احتلت تغريداته المتنوعة حول مختلف أحداث العالم الصدارة في تناول وسائل الإعلام الدولية لها، وفي اهتمام الرأي العام العالمي. وصحيح أن غيره من السياسيين كانوا يستخدمون تويتر في سنوات قبله، ولكن استخدامات دونالد ترامب وضعت تويتر في قمة اهتمام العالم للتعرُّف على مواقف رئيس أكبر دولة في العالم. وترامب هو الذي صنع هذا المجد لشركة تويتر، بحكم أنه أراد أن يتجاوز وسائل الإعلام التقليدية التي كان -ولا يزال- يرى أنها تلعب ضده، سواء أثناء حملته الانتخابية أو خلال فترة رئاسته الحالية.
ومن خلال الدبلوماسية التويترية فقد تم توظيفها كذلك في أحداث المنطقة، وأصبح بعض وزراء الخارجية العرب والخليجيين يوظفون هذه القناة في دعم سياسات بلدانهم، وإيصال رسائل دبلوماسية إلى أطراف نزاع أو شركاء مصالح. وهذا ما شهدناه مؤخرًا في الحدث الأبرز في المنطقة (مقاطعة قطر).