نُصاب بدهشة واستغراب أحياناً وربما أحياناً كثيرة في الواقع الذي نعيشه ونتعامل معه، تغيرات في تعامل الناس بعضهم مع بعض، تغيرات بعيدة عن الواقع والمنطق تغيرات لا يقبلها العقل ولا يمكن تصوّره وتصديقه لكنه هذا الواقع الذي أصبح جزءًا من تفاصيل حياتنا. اللاَّ معقول أصبح معقولا قبل جِيلين كُل شيء كان معقولاً أما اليوم علاقات الناس أصبحت غير معقولة، لستُ متشائماً فلا أحب التشاؤم وربما بقي القليل من غير المعقول وفي دوائر اجتماعية قطرها ليس طويلاً.
نحنُ بحاجة إلى العودة إلى المعقول فبذرة المعقول نائمة في أرضٍ خصبة تنتظر من يرويها لتشق طريقها في الحياة ويخضر ورقها وتنبِت الورد الذي يعبق أنوف منْ يريد الحياة التي تُفتحْ أبوابها على حديقة المحبة والتسامح والألفة. صورُ كثيرة نراها نسمعها نقرأها تدور حولنا في مجتمعنا وربما يعيشها البعض ويخفيها خوفاً من الألم وخوفاً منْ أن يعيش هامش المجتمع وربما في طريق مُظلمْ. العقوق من الأبناء والبنات لأمهاتهم وآبائهم عقوق تكسوه رائحة الضجر والملل والتأفف، كلمة الطلاق أصبحت لحناً جميلاً على ألسِنة حديثي الزواج أهذا معقول أم غير معقول.
تربية الأطفال تحوّلت إلى كابوس يؤرق الزوجين الكُل يتهرب من ذلك وسقط الأطفال في أحضان غير المعقول في أحضان من يختلف معنا في القيم الإسلامية والتقاليد والموروث الشعبي النبيل وماذا جنينا أطفالاً يحبون الغير أكثر من أمهاتهم. من غير المعقول أن تدفع الأندية الرياضية ملايين الريالات للاعبي كرة القدم أنها المغالاة في عقود اللاعبين هل هي ظاهرة تقود الكرة السعودية إلى الهاوية أيعقل أن تهوي، وهل من المعقول أن يهاجر الطبيب السعودي للخارج باحثاً عن فرص عمل أفضل وهل صحيح يعاني 24% من الأطباء السعوديين من سوء بيئة العمل، 35% من ضعف سلم الرواتب، 41% من عدم التقدير لماذا يُقدر لاعب كرة القدم ولا يقدر الطبيب هل تحول غير المعقول إلى معقول.
غير معقول ولا مقبول أن عدد حالات الطلاق 7 حالات مقابل كل 10 حالات زواج، ومن غير المعقول أن تزيد حالات الخلع إلى أين نتجه؟ هل من المعقول أنّ من أسباب الطلاق الفجوة العميقة بين الزوجين والتي تتمثل في تنافر الطباع وعدم الالتقاء الفكري وعدم التكافؤ العاطفي مع عدم النضج الكافي واختلاف التوقعات التي يرسمها الطرفان عن الواقع للحياة الزوجية لماذا نتسرّع في اختيار الزوجة؟ لماذا نتسرّع في اختيار الزوج؟ وهل من المعقول أن يهدر مجتمعنا ما قيمته بـ «49.833» مليار ريال سنوياً من الأطعمة وأين نظام يعاقب المبذرين ومن يقوم بإلقاء الطعام الفائض؟ لماذا لا نُذكّر بعام 1337 هجرية هي الأشد وطأة في نجد والخليج وحدث مع الجوع الذي حل بالناس قال تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).
وفي الختام معاً جميعا نحوّل غير المعقول إلى معقول يستقيم الحال وتصفي النفوس وتمطر السماء وينبت العشب في صحراء قلوبنا وعقولنا. دعُونا ننعم بما أنعم الله علينا في مملكة الإنسانية والحب والعطاء ونشرح صدرونا بالعطاء والتآخي والألفة.