سعد الدوسري
أظن أن مسلسل «غرابيب سود»، الذي عرضته قناة mbc خلال شهر رمضان، يحمل في طياته جرأةً غير مسبوقة، فلقد دخل منتجوه دخولاً شرساً في عش الدبابير، وهم يدركون تمام الإدراك، كل النتائج المترتبة على هذا الدخول. فرصدُ الدورٍ الخفي للعنصر النسائي في تنظيم عالمي مثل داعش، ليس بالمهمة الفنية السهلة، أبداً! أنت تستطيع أن تكتب مقالاً أو كتاباً عن هذا الدور، لكن أن تنتج مسلسلاً تلفزيونياً درامياً يصور كل التفاصيل اليومية الدقيقة، فهذا أمر شائك، شائك جداً. ناهيك عن الجودة التقنية في التصوير والإخراج، والتي جعلتْ المشاهدين يشعرون بأنهم ضمن أجواء صراع دموي حقيقي، تشبه إلى حد كبير أجواء الأفلام التي ينتجها تنظيم داعش، والتي تصور عمليات ذبح وحرق ودفن ودهس الأحياء، نساءً ورجالاً وأطفالاً.
إن الأداء الذي أداه الصديق الفنان راشد الشمراني، كان مقنعاً إلى حد كبير، فهذا الأب عملَ المستحيل لكي يصل إلى أرض الجهاد الداعشي المزعومة، وإلى حيث تم اختطاف ابنته البريئة من قبل زوجها الإرهابي، لكي يحاول استرجاعها من براثن هؤلاء المجرمين. وخلال متابعتنا لقصته، تنشأ قصص أخرى ترصد تجارب نساء أخريات تعشنْ مع رجال تختلف أوطانهم، لكنهم يتفقون على فكر واحد، فكر يستغل المرأة أبشع استغلال!!
مسلسل «غرابيب سود»، وإن كانت لي بعض المآخذ على أجزاء من نصوصه وأجزاء من صوره، إلا أنه يستحق كل الثناء الذي ناله، ويستحق أيضاً كل النقد الذي وجه له. إنه مثل كل الأعمال الجريئة، التي تظل محوراً للاختلاف في وجهات النظر.