عروبة المنيف
في كل مناسبة على مأدبة ألاقي لوماً من المحيطين لتمسكي بحمية غذائية مرتكزة على النباتات فقط، وتتوالى الاستفسارات فيما يخص تعويض نقص البروتين في غذائي النباتي، وأسرد دوماً أسطورة «البروتين الحيواني» التي حبكتها شركات اللحوم والألبان، معللة بأن النباتات مليئة بعنصر البروتين الكافي لاحتياج الجسم والمتوافر في أي حصة غذائية نباتية. ولطالما كانت القناعات ضعيفة نتيجة عوامل عدة منها التراث الغذائي الرافض لفكرة الحميات الغذائية النباتية في الأصل.
شاهدت أخيراً فيلماً وثائقياً حديثاً بعنوان «ماذا بعد الصحة»، الفيلم الذي لن يعجب الكثيرين من محبي أكل الحيوانات ومنتجاتها، ولا تريد شركات صناعة الأدوية والمنظمات الصحية الأمريكية مشاهدته، فهو يدينها لأنه يوضح بالأرقام وبالإحصاءات دورها في صناعة الأمراض التي من المفترض أنها تسعى للقضاء عليها. الفيلم يكشف عن تلقي المنظمات الصحية، «جمعية السرطان الأمريكية، جمعية القلب الأمريكية، جمعية السكر الأمريكية، ومؤسسة سوزان جي كومن لسرطان الثدي» الأموال والهبات من شركات تصنيع لحوم الحيوانات ومنتجاتها. لقد كشف الفيلم عن ما يفوق الثمانمائة دراسة والتي أجريت في أكثر من عشرة بلدان ولمدة خمسين عاماً مضت، وبرهنت بالأرقام عن حقائق شملت ارتفاع معدل الإصابة بأمراض العصر كالسرطان والسكري والقلب وهشاشة العظام والربو والتهاب المفاصل وغيرها الكثير وارتباط ذلك بشكل مباشر باستهلاك لحوم الحيوانات ومنتجاتها، وأن تزايد معدلات الإصابة بأمراض السرطان هو نتيجة للاستهلاك الآدمي للحوم الحيوانات ومنتجاتها بشكل مطرد، فكل خمسين جراماً من اللحوم المصنعة المستهلكة يومياً تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 18%،، فاللحوم التي نقتلها للأكل هي نفسها التي تقتلنا، والصحة تأتي من الغذاء لا من الدواء. ويحمِّل المشاركون في الفيلم شركات الأدوية والمنظمات الصحية الأمريكية مسؤولية انتشار وتزايد الأمراض، فهدفهم هو زيادة الأرباح لا صحة الإنسان، لقد وصلت نسبة الأرباح التي تجنيها شركات الأدوية من بيع المضادات الحيوية لشركات إنتاج اللحوم والألبان إلى 80% مقارنة بنسبة أرباح تقدر بـ 20% تجنيها من بيع المضادات للإنسان، فصناعة اللحوم والمنتجات الحيوانية هي البقرة الحلوب لصناعة الأدوية، وتستهلك شركات إنتاج اللحوم والألبان تلك الكميات الهائلة من المضادات الحيوية نتيجة للطرق غير الإنسانية التي تربي فيها الحيوانات من أجل الغذاء، حيث تنتج بقرة واحدة كل عشر ثوان، وعلى الصفحات الإلكترونية لتلك المنظمات الصحية الممولة من شركات اللحوم والألبان نشاهد وصفات لأغذيه تحوي لحوماً على الرغم من التحذيرات المتكررة بخصوص مخاطر الدهون الحيوانية على الصحة العامة. وتتوالى الموشرات، فاستهلاك وجبه واحدة يومياً تحوي لحوماً مصنعة تزيد من نسبة الإصابة بالسكري بنسبة 51%، ويموت سنوياً 117 مليون إنسان في العالم بسبب أمراض القلب الناتجة عنستهلاك للحيوانات ومنتجاتها، واستهلاك بيضة واحدة في اليوم يماثل في تأثيرها على الصحة تدخين خمس سجائر، ويؤكد الباحثون الذين شاركوا في الفيلم بضرورة إجبار شركات اللحوم والألبان على وضع «تحذير» من الاستهلاك على منتجاتها أسوة بشركات التبغ. الفيلم شيق أنصح الجميع الإطلاع عليه.