غسان محمد علوان
ها نحن على مشارف موسم جديد حافل بمنافسات من نوع مختلف، برزت بعض ملامحه خلال هذا الصيف، وما زال يحمل في جعبته الكثير. ففي ظل التعاقدات المثيرة التي تصدرها الهلال والفيحاء، والصمت النصراوي، والترقب الأهلاوي، يظل الاتحاد لغزًا محيرًا لمحبيه قبل بقية متابعي الوسط الرياضي.
فالاتحاد أعلن قبل فترة قصيرة عبر إدارته الجديدة برئاسة الأستاذ أنمار الحايلي تجديد إعارة النجم المصري الكبير (كهربا) بمبلغ عشرة ملايين ريال سعودي. هذا التجديد وبهذا المبلغ الكبير يطرح تساؤلاً كبيرًا: هل لدى الاتحاديين خطة إنقاذ للنادي من الديون المتراكمة أم أن مبدأ (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) هو نبراس الإدارة الاتحادية الجديدة. جميعنا سمعنا عن الرقم الذي وصل له الدَّين الاتحادي واجب السداد، الذي بلغ 215 مليون ريال! هذا بخلاف ما يزيد على مائة مليون إضافية لم تصل بعد إلى مرحلة وجوب السداد. هذا الصرف مهما كان مصدره، سواء تبرعًا شخصيًّا من الرئيس أو تبرعًا من أعضاء شرف أو حتى مداخيل استثمارية (رعايات - تذاكر)، يجب أن يخضع للأولويات، ضمن خطة منظورة قادرة على إخراج العميد من أزمته. فهل هذه التعاقدات (التجديد) من خارج الميزانية التي تم رصدها لحل مشاكل الديون، أم هي مجرد استقطاع لمبلغ كانت له أوجه صرف أجدر بأن توضع بها؟
فإن كانت إدارة الاتحاد الجديدة قادرة على دفع جميع الديون دفعة واحدة فهذا هو عز الطلب، والهدف الأسمى للجميع. أما إن أتت بميزانية محدودة فمن الخطأ أن تبدأ بالرفاهيات على حساب الاحتياجات. هذا الوضع الحالي للاتحاد يجب أن تعيه إدارته أولاً، ثم تقوم بشرحه وتقديم خطة واضحة الملامح، تُفصَّل لجماهير النادي ومحبيه بكل وضوح وشجاعة. فالاتحاديون أنفسهم هم من أغرقوا ناديهم بالديون؛ فالتعاقدات والصفقات الماضية ليست مجانية على الإطلاق. ورمي التهم من اتحاديين على اتحاديين آخرين هو صب للزيت على النار، وليس محاولة إخماد سعيرها. فمن الواضح أن الاتحاد لن يشارك في النسخة الجديدة من البطولة الآسيوية للمرة الثانية على التوالي رغم استحقاقه لذلك فنيًّا ونتائجيًّا (وهذا ما لا نتمناه). وعدم السعي لدفع الالتزامات للمشاركة هو خطوة صحيحة في تقديم الأولويات، ولكنها ليست كل الأولويات؛ فالأولويات تقتضي دفع الديون قبل التجديد للاعبين غير السعوديين، والأولويات تقتضي توفير السيولة عبر بيع بعض النجوم، وليس جميعهم لضمان استقرار المستوى الفني، والأولويات تقتضي الاعتماد على أبناء النادي من مدربين ولاعبين صاعدين. كل هذه الإجراءات ستأخذ وقتها، موسمًا أو اثنين أو حتى ثلاثة، لكنها ستعيد العميد شرسًا كما كان في سوق التعاقدات والمنافسات كما ينبغي له أن يكون. أما الاستمرار على النظرات القصيرة، وتقسيم مستقبل النادي لمراحل لا تزيد على موسم واحد، وكأنه الموسم الأخير في تاريخ النادي، فهو - للأسف - إيغال في ظلم النفس وظلم كل تلك الجماهير العاشقة التي تعي تمامًا ما يليق به عميد أندية الوطن.