فضل بن سعد البوعينين
انتهت مهلة الرد على المطالب التي حددتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لقطر قبل أن تتمكن من تسليم ردها الرسمي للشيخ صباح الأحمد الصباح؛ أمير الكويت؛ والمعني بالوساطة الخليجية.
وبالرغم من تصريحات وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الرافضة للمطالب؛ والتي قال فيها أن «قائمة المطالب ستُرفض، ولن تُقبل» إلا أن السعودية والدول الثلاث الأخرى قبلوا تمديد الفترة الزمنية المقدمة لحكومة قطر لمدة 48 ساعة استجابة لطلب من صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت؛ وحرصا على قطر وشعبها؛ وتجنيبهم مزيدا من العقوبات الاقتصادية المؤثرة. قد يكون هناك تغيير مفاجئ في الموقف القطري المعلن ما دفعها لطلب مهلة إضافية لتجهيز الرد المناسب؛ وهذا ما نرجوه لنزع فتيل الأزمة؛ وعودة قطر إلى محيطها الخليجي؛ أو ربما ارتبط ذلك بسياسة التسويف والخداع التي انتهجتها خلال العقدين الماضيين.
وبعيدا عن فحوى الرد الرسمي القطري؛ أعتقد أن السعودية والدول العربية مطالبة بالمضي قدما في التعامل القانوني مع ملف «دعم وتمويل الإرهاب» الذي يشكل محور الخلاف والمغذي الرئيس للأزمة الحالية. من شأن تحريك القضايا القانونية أن توثق المخالفات واستصدار قرارات دولية ملزمة، ورادعة لحكومة قطر؛ التي أثبتت الأعوام الماضية؛ عدم وفائها بالتزاماتها وتعهداتها الدولية.
يشكل ملف «تمويل الإرهاب» جانبا مهما من الشق المالي المطروح للنقاش في قمة العشرين التي ستعقد في «هامبورج» الألمانية الجمعة القادمة. وهي فرصة مواتية لتقديم المملكة ملفاً متكاملاً عن دعم وتمويل قطر للإرهاب؛ وتوثيق جرائمها ضمن موضوعات القمة وبحضور قادة العالم المؤثرين والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
لم يعد دعم وتمويل قطر للإرهاب موضوعا عابرا؛ يمكن أن تتوقف عنه بسهولة وإن وقعت الإتفاقيات والتعهدات؛ بل إستراتيجية محكمة مرتبطة بمنهجية عمل مستدام وتنظيمات مالية متشعبة تختلط فيها جرائم غسل الأموال بتمويل الإرهاب؛ ما يستوجب العمل المنظم القادر على توثيق تلك الجرائم واستصدار قرارات دولية تشكل مستقبلا قوة الردع والمحاسبة. اللجوء للمؤسسات الدولية هو الحل الأمثل أمام الدول الأربع؛ والدول المتضررة الأخرى؛ ومن هنا تأتي أهمية قمة العشرين في إيصال الحقائق؛ وإقناع قادة الدول المشاركة في القمة و المؤثرة في مجلس الأمن بخطورة ملف تمويل قطر للإرهاب؛ وأهمية التعامل معه وفق الأنظمة والقوانين الدولية الرادعة.
من شأن إطلاع زعماء دول العشرين؛ ووزراء المال ورؤساء البنوك المركزية على ملف تمويل قطر للإرهاب بعد إستكماله وعرضه بطريقة قانونية محكمة؛ أن يسهم في تشكيل رأي عام دولي متجانس؛ و الضغط على حكومة قطر من جهة؛ وإلزامها بتنفيذ المطالب العادلة وفي مقدمها وقف دعم وتمويل الإرهاب وإحتضان قادته وجماعاته؛ وتسهيل عملية استصدار أحكام دولية رادعة تحد من تجاوزات الحكومة القطرية مستقبلا.
مشاركة المملكة الفاعلة في قمة العشرين تؤهلها لتبني طرح ملف قطر لتمويل الإرهاب؛ لحشد الجهود ومطالبة الزعماء باتخاذ خطوات مشددة تجاهه؛ وبما يعزز إستجابة قطر لمطالب الدول المتضررة من أعمالها العدائية والمهددة لأمن واستقرار المنطقة والعالم وبما ينعكس سلبا على التنمية والاقتصاد والنمو العالمي.
فالدول المشرعة لقوانين مكافحة غسل وتمويل الإرهاب؛ الممثلة في قمة العشرين؛ مسؤولة مسؤولية تامة عن تنفيذ قوانينها ومواجهة الدول المنخرطة في دعم وتمويل الإرهاب بحزم بعيدا عن حسابات المصالح الآنية والمستقبلية؛ أو المخططات الإستخباراتية القذرة.