عبده الأسمري
ما بين ثقافة الشيلات ولقافة الشلل وعمق تخلف ضرب بأطنابه مجتمعنا في السنوات الأخيرة سائرا في عكس اتجاه الحضارة. هنالك من يتندرون ويحولون أنفسهم إلى أراجوزات لإضحاك ملايين من المجتمعات، ونوع يستخدم أطفاله لتصوير المقاطع والضحك والإسفاف، وفريق من المتعصبين يمارسون ومشاهير يطاردون أمجادهم الشخصية بحثا عن قبلات على الرأس، وفي المحافل، وبعضهم شهادته مزورة، وآخرون علمهم مزيف.
ونوع يطارد الدنيا وباتت تهرب منه وهو يجمع المال ناسيا زكاته ونجاته. وفي الشارع ستجد عشرات السلوكيات التي تعكس أزمة نظام لدينا فلا احترام للأنظمة، وآخرون يتفنون في إرهاق عامل النظافة الكادح برمي المخلفات وان ذهبت لمول تجاري أو إدارة حكومية فأتحدي وأراهن إن وجدت سيارة واحدة واقفة في مسارها الصحيح وأول ما يتم احتلاله مواقف المعاقين، وفي المحلات التجارية لا توجد ثقافة تسوق فالأطفال يربكون حركة السير في ممرات الأسواق، ونساء يؤدين الصلاة في الممرات حتى في الخروج من بوابات الجوامع تجد إن الخارجين منها في ازدحام وعجلة بالغة وكأنهم هاربون من حادثة ما، وأمام كاشير المحاسبة تجد انفلاتا وتفلتا في المزاحمة وأمام صرافات البنوك ترى أن هنالك طابورا من الإزعاج وراءك بالمنبهات، وإن ذهبت مستشفى فإنك ستجد الضوضاء تتربص بالمرضى من كل جانب في كل موقع.
الإسلام حث على النظام وعلى عدم إيذاء الآخرين، وفي منهجنا الاجتماعي تصدر سلوكيات متعددة هي إيذاء مغلف بلامبالاة والأمن من العقاب..
أمانات المدن وضعت نظاما لتغريم المخالفين الذين يرمون المخلفات من سياراتهم، ولا أعلم كم سجلت تلك الأمانات من مخالفات فالمخلفات ترمى والشوارع مكتظة بها، فأين العقوبة وإن وجدت ما هي الأدوات التي وضعتها الأمانات لمراقبة المخالفين: هل وضعت كاميرات أو دوريات لمراقبة ذلك؟ وهل لديها أنظمة تسهم في الحفاظ على الحدائق التي تحولت إلى مناظر بائسة؟.
في الشارع، نلاحظ جملة المخالفات البشرية وثقافة بلدية لعدم احترام حقوق الآخرين في السير وفي المتاجر وفي مواقع الخدمات: فما السبب هل لأن الجميع تعود على الاستعجال أم أن الواسطة ظلت ترافق الجميع حتى في طلب الخدمة.
التخلف المجتمعي لا يقل سوءا عن الموائد التي كان يتبارى عليهم المهايطون في سلوك مشين لعدم احترام النعمة ومشاعر الآخرين في حين أن الجوعى في العالم يئنون من الفقر. وهذه السلوكيات التي تحطم قيود النظام وتشيع الفوضى والعشوائية خلقت أجيالا غير مبالية كسولة تشربت هذا التخلف الغارق في الرجعية..
أرى أن يتم سن قوانين رادعة لكل من يخالف النظام، وليس حصرها في مخالفات المرور ومخالفات المحلات..البشر يخالفون طبيعة الحياة وطبع الإنسان السوي ويملأون الفضاء بالفوضى التي يجب أن تقل حتى تنشأ أجيال لديها مسؤولية تحافظ على ممتلكات الوطن وممتلكات الآخرين وتحترم البشر في ميادين الحياة اليومية، سواء في مواقع الخدمات أو في أي مكان.
مخالفة الأنظمة والفوضى المجتمعية تحتاج وقفة وإعادة نظر..والقوانين جزء هام من مواجهتها والقضاء عليها وتنفيذها سيسير بالمجتمع إلى الرقي والتقدم والحضارة.