ياسر صالح البهيجان
عامان يفصلان منطقة الشرق الأوسط عن ذكرى مرور أربعين عامًا على ما يسمّى بالثورة الخمينيّة المشؤومة، إلا أن وتيرة الأحداث تشير إلى قرب انهيار نظام ولاية الفقيه في طهران قبل ذلك الموعد، ما قد يجعل مشروع احتفالها بتلك الذكرى أشبه بالمأتم الذي سيخلّص المنطقة برمتها من شرور التدخلات السافرة في شؤون دول الجوار، وينهي حقبة انتهاكات ميليشياتها الإرهابيّة لأبجديّات حقوق الإنسان.
ولم تكن رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي مخطئة عندما قالت في المؤتمر السنوي للمعارضة الذي أقيم قبل أيام في إحدى ضواحي باريس بأن «إسقاط نظام ولاية الفقيه الذي يحكم إيران أصبحت في متناول اليد»، وأكّدت أيضًا وهي المقرّبة من الأوضاع في الداخل الإيراني أن «نظام الملالي في إيران غير قابل للإصلاح بأي حال من الأحوال، وإنه في طريقه للسقوط».
ممارسات ولاية الفقيه الرعناء في منطقة الشرق الأوسط لم تعد في حيّز المسكوت عنه دوليًا، وثمّة تحركات جادّة في واشنطن وبالتعاون مع حلفائها في المنطقة لتحميل النظام الإيراني مسؤوليّة الفوضى في عديد من الدول العربيّة، كسوريا والعراق واليمن، والعمل الجاد لإقناع المجتمع الدولي بأن بقاء الملالي في طهران يقوّض كافة مساعي السلام، ويجدّف عكس الجهود العالميّة المبذولة لمكافحة الإرهاب والتطرّف.
الخطوة الأبرز التي قد تدخل ولاية الفقيه في دوامة الانهيار تتمثل في فرض عقوبات اقتصاديّة جديدة عليها، وواشنطن تتجه فعلاً إلى إبطال الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع الدول الكبرى تمهيدًا لتضييق الخناق عليها اقتصاديًا، وهو ما أعلنت عنه صراحة السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي التي أشارت إلى أن إيران انتهكت بصورة متكررة ومتعمدة قرار مجلس الأمن الدولي بشأن برنامجها النووي، مذكّرة بأن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يراجع الاتفاق الذي وصفه مرارا بـ»الكارثي»، وقالت أيضًا «إن عمليات إطلاق صواريخ بالستية بصورة متكررة، والعمليات المثبتة لتهريب أسلحة، إضافة إلى شراء تكنولوجيا متعلقة بالصواريخ، وانتهاك حظر السفر المفروض على مسؤولين عسكريين إيرانيين، هي كلها أدلة على أن إيران لا تفي بالتزاماتها الدولية».
كما أن المقربون من الأوضاع في الداخل الإيراني يؤكدون بأن الشعب على صفيح ساخن، وحجم السخط من سياسة ولاية الفقيه الداخلية والخارجيّة تتزايد، ولم تعد شريحة الشباب تحديدًا تثق بالنظام وديمقراطيته الزائفة، وهو ما تؤكده الإحصاءات الرسمية الصادرة عن لجنة الإغاثة الإيرانية التي تشير إلى أن هناك 11 مليون مواطن إيراني يعيشون تحت خط الفقر، وكافّة المؤشرات تبيّن بأن ملالي طهران على موعد مرتقب مع «ثورة جياع» قد تطيح بحكمهم الدموي إلى الأبد.